قارئ كابول

قارئ كابول

01 اغسطس 2015
مكتبة في الجزائر
+ الخط -

كنّا نُطلق اسم "كابول" على أيّة قرية أو "دشرة" عاثت فيها الجماعات المسلّحة خراباً في سنوات التسعينيّات. كنّا أطفالاً، وبالطبع لم نكن نسمع بتلك المدينة إلّا في نشرات الأخبار الدامية. وقد توسّع التوظيف الرمزي للعبارة ليشمل كلّ ما يمتّ إلى الخراب بصلة.

بعيداً عن القرية، لفتني مشهد باعة الكتب في ساحة البريد المركزي وسط الجزائر العاصمة، كما لو كنتُ أراه للمرّة الأولى. لا شكّ في أنّني أُعجبت بتفانيهم وحرصهم على أن يكونوا أوّل من يضعون سلعتهم في الساحة التي باتوا جُزءاً منها، لكن لم أعلم لِمَ ذكّروني بـ "بائع الكتب في كابول".

في العاصمة، لن تكون مهمّتك سهلة إن كُنت تبحث عن مكتبة. أمّا إن كُنت تبحث عن كتاب بعينه، فقد تكون المهمّة شبه مستحيلة. منذ الأزمة الأمنية، أخذ عدد المكتبات يتآكل، أمّا نشر الكتاب واستيراده، فتلك حكاية حزينة أخرى.

وحدهم باعة الكتب القديمة بإمكانهم توفير العنوان الذي تريده، أيّاً كان تخصّصه وسنة صدوره. وحدهم يذكّروننا بأن هناك من يقرأ.. إنهم المقابل الموضوعي لـ سلطان خان، بائع الكتب في رواية النرويجية آسني سييرستاد، الذي يقول: "في البدء أحرق الشيوعيون كتبي، ثم جاء "المجاهدون" لتخريب المكتبة ونهبها. وأخيراً أكملت جماعة طالبان ما تبقّى".

كابول هي مدننا التي تفتح ذراعيها لاستقبال أيّ شيء، لكنها لا تتحمّل كتاباً. "داعش" ليست جماعة فقط.

المساهمون