"تقع وتقوم": عثرات مسار إجباري

"تقع وتقوم": عثرات مسار إجباري

30 ابريل 2015
+ الخط -

يبدو أن "تقع وتقوم" لم يكن مجرد اختيار لاسم ألبوم، بل وقعة في تاريخ "مسار إجباري". الفرقة المصرية المستقلة، تمتّعت أعمالها السابقة بتماسك في ألحانها، واتساق الكلمات العربية مع الروك وفروعه، إلا أن ألبومها الأخير يبدو أنه وقع في فخ "الموجة التجارية" الذي وقعت فيه العديد من الفرق التي بدأت مستقلة وانتهت إلى مغازلة السوق التجاري والانخراط فيه.

ويبدو أن مفهوم الاستقلال عند الفرقة تراجع؛ لينحصر في احتكار المغني للتلحين والفرقة للتوزيع الموسيقي، وهذا حق مشروع أحياناً. لكن مع تقدّم الفرقة، واتّساع جماهيريتها، إلى جانب إنشائها لشركة إنتاج تحمل اسمها، من المفترض أن تزيد الفرقة من هامش استقلاليتها وحريتها الموسيقية والمادية؛ ما يجعلنا نتوقع أن يفوق كل ألبوم ما سبقه من ناحية الجودة الموسيقية والمحتوى، أو على الأقل أن يكون أقرب إلى المفهوم الحقيقي لمسمّى "الفرقة المستقلة" الذي تحمله.

جاءت المقدمة الموسيقية القصيرة للألبوم؛ كأفضل قطعة معبرة عن هوية الفرقة، ولمسنا فيها تأثرها بالـ"بينك فلويد". ومع دخول الأغنية الأولى، "أوقات"، تسببت طبيعة الإيقاع التي بدت مبهمة، بصعوبة الإمساك بكلمات الأغنية لاستخلاص المعنى. بينما كانت أغنية "بتقوللي"، كلمات تامر توسي، أكثر أغاني الألبوم تماسكاً من حيث الكلمات، وجاء مزج الغناء المصري بسلالمه الموسيقية مع الروك متناسقاً، على خلاف بقية أغاني العمل، حيث تسبب سوء تقطيع الكلمات على الخط اللحني للغناء في خروج الأغنيات مفككة.

أما باقي أغاني الألبوم، فنقصتها الجودة سواء في الكلمات التي اقتربت من نمط الأغاني التجارية، والحشو لمراعات القوافي، أو الألحان التي جاءت متوقعة وثابتة ومملة، مع استثناءات بسيطة كأغنية "لسه الدنيا". أما من ناحية الغناء، الذي قدمه هاني الدقاق، فتشتت بين الأداء والغناء، وغموض مخارج الحروف، كما كان واضحاً في "تقع وتقوم".

وفي "لسه الدنيا"، اقترب أداء الدقاق إلى أداء عمرو دياب كما حصل في "صباحك" أيضاً، الذي اختزل الموسيقى على طريقة الأخير إلى جملتين ركيكتين (جملة والرد عليها)، في توزيع مشابه لأغاني دياب أيضاً. أحسسنا بليّ ذراع خط الغناء اللحني ليصبح مفتعلاً على سلالم موسيقية مصرية، في حين أن الغناء الكلاسيكي للروك أكثر احترافية وملاءمة. فالروك المصري هويته في كلماته وروحها، لا في سلالم الغناء؛ ما جعل مجموعة من قطع الألبوم تبدو وكأنها شبيهة بأغاني الإعلانات.

كما تُلاحَظ سيطرة التكرار الممل في المؤثرات الصوتية على الشكل البنائي للأغاني؛ ما يدل إما على الفقر الفني للحن، أو إغفال حق العملية الإنتاجية للتوزيع والإنتاج داخل الفرقة. عثرات الألبوم تضمنت أيضاً حدوث بعض النشاز الموسيقي في الصوت والآلات، يُمكن ملاحظته في عدة أغانٍ.

التوزيع شمل ثيمة روك ونهاية موفقة لأغنية "بتقوللي"، وعزف ترومبيت موفق لمحمد السواح في "قلبك ده عنواني" تبعه "دول" مميز لباقي الآلات المصاحبة. كما كانت طريقة دخول وخروج الإيقاع في "زيك أنا" لافتة وجريئة، ويمكن أن نذكر أيضاً الأداء الجيد لناي هاني البدري في "عطشان".

عملية الـ"مكسنغ" شابتها وقعات أيضاً، إذ هيمن صوت الغناء في المقدمة، بشكل منفصل في الروح والإحساس عن الموسيقى المرافقة، وتبادل القيادة غير الموفقة مع الغيتار الكهربائي، الذي اختزلت أصواته بالصوت المشوش (distortion)، وعزف منفر تكميلي يصل بين أجزاء الأغنية.

أما وجود الآلات الأخرى فلم تكن بارزة كي نميز أثرها أو ضرورة وجودها بوضوح. يبدو أن "مسار إجباري" في ألبومها الأخير، قد وقعت فعلاً، ونرجو أن يترجم عنوان "تقع وتقوم" في ألبوم الفرقة القادم.

المساهمون