مقامة القادري.. زمن بين الواسطي وداعش

مقامة القادري.. زمن بين الواسطي وداعش

15 أكتوبر 2015
(فحم وزيت على قماش، 145 × 90 سم)
+ الخط -
في لوحاته، يكاد يذكّرنا الفنان اللبناني عبد القادري، بأمثلة وضعها هنري برغسون لتفسير مفهوم "الديمومة"، كونها وحدة تجمع الحاضر والماضي والمستقبل. ولعلّنا حين نسقِط هذا التعريف على أعمال القادري سنقول بأنه يأتي بهذه الأبعاد الزمنية الثلاثة في لوحة واحدة.

في 18 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، ينطلق في"دار الفنون" في الكويت، معرض الفنان التشكيلي اللبناني عبد القادري "المقامة 2014". منذ العنوان، نلتقط شيئاً من الراهن وشيئاً من التراث.

المعرض هو حصيلة اشتغال القادري على عوالم "مقامات الحريري" من خلال استلهام عمل أحد أبرز رسّامي التاريخ الإسلامي القديم، يحيى بن محمود الواسطي (القرن السابع هجري/ الثالث عشر ميلادي)، محتفياً بإرث بصري تجاوز عمره سبعة قرون.

يعلّق الناقد الفني شربل داغر على هذا الالتقاء قائلاً: "يكرِّم القادري الواسطي، إذ يكتشفه". ويشير إلى ضرورة استعادة الفنانين المعاصرين للعلاقة بين الخبر (الحياة اليومية) والصورة (الفن).

في حديثه إلى "العربي الجديد"، يقول القادري: "استطاعت أعمال الواسطي، بشفافيتها وحساسيتها العالية، وقدرة صاحبها على رصد الأبعاد النفسية للشخصيات، تحرير التزويق الفني من الشكل التقليدي المتعارف عليه".

يكشف أن "التعمّق في دراسة أسلوبه مثّل نقطة تغيّر في فهمي للتراث البصري العربي والإسلامي"، مضيفاً "كانت تلك الاعمال قادرة على تحريض شهيتي للتلوين، بعد انشغال طويل بإنتاج عمل معاصر".

فحم وزيت على قماش، 140 × 150 سم



أثناء الفترة التي عمل فيها القادري في هذا الاتجاه، شدّ انتباهه ما يحدث في العراق وسورية من تهديم للآثار. هنا، "تسلّلت" إلى لوحته صور الدمار والهدم.

جسّد القادري ذلك، خصوصاً باستعمال الفحم، بما توحي به هذه المادة من قسوة وسوداوية وهشاشة. يقول موضّحاً: "كأن الفعل التدميري وشكل الغبار أو التراب الناتج عن فعل الهدم أشبه بما يخلقه انفعال قلم الفحم وانسحابه السريع على سطح اللوحة، ثم بنفخة واحدة يختفي كل شيء، وكذلك الوجود السياسي والأيديولوجي لتلك الآلة التدميرية".

يعتبر الفنان اللبناني أن صور الدمار بعدوانيتها وإجرامها كانت النقيض الأعمق في نفسه لصور الواسطي. يقول إن "الفنان العربي القديم كان يحب محاكاة الحياة والفن والجمال، في حين أن ما يُقدم عليه المتطرّفون هو تمجيد العنف والتشويه".

 
اقرأ أيضاً: شربل داغر: الفن وأسماؤه العربية الأخرى

المساهمون