الحرب العالمية الأولى: الفن يتذكّر

الحرب العالمية الأولى: الفن يتذكّر

01 اغسطس 2014
تفصيل من "خراب مضيء" لـ هناء مال الله
+ الخط -

ربما لم تكن "بريطانيا العظمى" بحاجة إلى استعادة ذاكرة الحرب، مع كل ما يمدها به العالم من تجدُّد. ومع ذلك قررت الاحتفاء بمرور مئة عام على الحرب العالمية الأولى بعددٍ من الفعاليات الثقافية والفنية.

إحدى أكثر تلك الفعاليات انفتاحاً على فكرة عالمية التخريب كفعلٍ مصاحب لمفهوم الحرب وكاشف لعبثيته كان المعرض المعنوَن "انطباعات من زمن الحرب"، الذي تستضيفه حالياً غاليري "فلاورز" شرق لندن، ويضم أعمالاً لستة عشر فناناً عاشوا بالقرب من بؤر النزاعات في العالم وطُبعوا بآثار الحرب إنسانياً وفنياً.

في عملها الذي يحمل عنوان "خراب مضيء"، اتخذت الفنانة العراقية هناء مال الله من تقنية التخريب معادلاً موضوعياً لوجه الحرب، مخلِّفة إزعاجاً بصرياً أحدثته المفارقة اللونية والموضوعية بين الرماد المحترق وضوء النيون المنبعث من المصباح الكهربائي المثبّت بين ثنيات القماش.

وفي التركيب الأسود الشاهق في عمق الصالة الرئيسية للمعرض، استخدم الفنان الإنجليزي تيم شاو الفلّين والقماش المطلي بالأسود على دعامة حديدية، ليصور رجلاً يجري متأثراً باللهب الممسك بجسده. عملٌ يساهم في طغيان الأثر الصادم واستحضار الشعور بماضوية حدث الموت أو التدمير.

وبغض النظر عن التوجهات السياسية التي تشي بها المجموعة الفوتوغرافية التي تحمل عنوان "أرض واحدة وشعبين" للفنانة الأميركية هايدي ليفين، يمكننا أن نلمس الأيدي الخشنة للصراع على وجدان الأطفال في فلسطين المحتلة، في صورتيها اللتين تجمعان بين طفل فلسطيني يرتدي الزي المعروف لكتائب القسّام ومراهق إسرائيلي يرتدي زي المهرّج حاملاً بندقية، محاطاً بعدد من أطفال المستوطنين الإسرائيليين المبتهجين احتفالاً بعيد ميلاد. هذه الفنانة مثل كثيرين غيرها تفتقر إلى التمييز الأخلاقي بين الجلاد والضحية في تناول إنسانوية الحرب.


عمل فوتوغرافي لـ تيم هيزرينغتون


من جهته، يحضر الفنان الأميركي البريطاني تيم هيزرينغتون الذي قُتل أثناء تغطيته للأحداث التي شهدتها الليبية عام 2011، من خلال أعمال فوتوغرافية التقطت في أفغانستان توثق لبشرية الجنود في مقابل تنميطهم كآلات للحرب.

أما التركيب النحتي الذي يحمل عنوان "أصوات صمتك" للفنان الإنجليزي ميشيل ساندل، فيدفعنا إلى استحضار مجموعات تنتمي إلى الفن الجنائزي الروماني، فاقها التركيب قتامة وإثارة للرهبة.

لوحة لـ كين كوري


ونشاهد في المعرض أيضاً أقنعة غلّف الفنان الأسكتلندي كين كوري بها الوجوه البشرية لضباط الحرب داخل لوحة صمَّتْ بياضَ الحائط الملاصق لباب الخروج؛ أقنعة لم تفلح في إخفاء تعابير الخزي والانكسار التي ارتسمت بفجاجة أبرزتها الوقفات المتورطة لرجالٍ يتحاشون إدانة متربصة لعدسة كاميرا.

كما نشاهد أسلحة قديمة، أشجار محترقة، صور توثّق لدخانٍ يغشي سماء الرؤية، بورتريهات لقتلى مجهولين في معارك معروفة... باختصار، أشياء من مخلفات الحرب تضيق بها أرواح وفضاءاتٍ مكانية مختلفة من العالم.


__________________________________________

يستمر المعرض حتى 18 آب 2014
Flowers Gallery - 82 Kingsland road - London E2 8DP

المساهمون