نذير تنبولي.. كُتب بأسود لعوب

نذير تنبولي.. كُتب بأسود لعوب

03 يوليو 2014
+ الخط -

في زاوية جانبية من منزل سكنه إسحق نيوتن ذات يوم وهي الآن مكتبة "وستمنستر" اللندنية، وفي حضرة ما يجاوز أربعين ألف كتاباً، أقام التشكيلي المصري نذير تنبولي معرضه الذي يحمل عنوان "الكتب السوداء".

يتألف المعرض من خمسين كتاباً نفَّذها الفنان بالحبر الأسود على الورق الأبيض، وتحمل خلاصة تفاعلاته الوجدانية مع الفن والحياة، وما اكتسبه على مدى تجربته الفنية من خبرات تقنية وجمالية، بالإضافة إلى تركيبات فنية اعتمدت الرسم بالألوان على السيراميك والقماش.

ولدى تأملنا في هذه الكتب الفنية، نلاحظ غياباً واضحاً للموضوع لصالح الشكل، وبالتالي انتصار الفنان للجمال على حساب الدلالة، متفقاً في ذلك مع نفسه وموقفه حول ضرورة سقوط الفن من عليائه إلى شوارع الذائقة الشعبية.

عدم اقتناع تنبولي بفكرة نخبوية الفن وتفخيم المنتج الفني هو ما قاده إلى الرسم على جدران بناياتٍ كان يعلم أنها ستهدم بعد فترة قصيرة، مستمتعاً بتفاعل الجمهور، وضارباً بالأفكار التقليدية حول الفن عرض الحائط.

أما في هذا المعرض، فيظهر سعي تنبولي الدائم إلى توطيد علاقته بالمتلقّي، عبر تضمينه إيّاه عرضاً حياً لرسومات "الـزن" التأملية. إذ مدّ صفحة ورقية بطول الغرفة، ثم رسم على سطحها بالحبر الأسود، قبل أن يضيف عليها تنويعاتٍ من الخطوط بالحبر الأحمر.

استغرق العرض 20 دقيقة كاملة، استثمر الفنان خلالها ثقافة التصوّف، ومعرفته بالأشكال المختلفة للخطين العربي والياباني، ليخرج بتكوينٍ فنيٍ مثير للتأمل، وبفضاءٍ دلالي مفتوح.

تبدو العيون في رسومات "الزن" التي نُفِّذت على الورق وعُلِّقت على جدران المعرض، مكوِّناً أساسياً يثير التساؤلات حول مفاهيم الحرية والرقابة والخصوصية لدى الفنان.


بينما يفاجئُنا التركيب الفني الحافل بالألوان، في الناحية الأخرى من المعرض، بكسرٍ غير متوقَّع لأفق التناغم اللوني، مع الاحتفاظ بنوعٍ من الوحدة الموضوعية. إذ اصطفت مجموعة من الكتب ذات ألوان صاخبة داخل واجهة عرض زجاجية، إلى جانب هيكل عظمي لتمساح طُلي بألوان من المجموعة اللونية النارية ذاتها.

الفنان الذي اشتهر كرسام جداريات، يقيم في حي "هاكني"، شرق لندن، المعروف كأكبر تجمعات الفنانين في العالم، وذلك منذ أكثر من 13 عاماً حصّل خلالها على شهادة الماجستير في الفن من كلية "كامبرويل" اللندنية، وأقام عدداً كبيراً من عروض "الزن"، والرسم على جدران الشوارع.

المساهمون