"الشيخ زايد" في سباق الجوائز العربية

"الشيخ زايد" في سباق الجوائز العربية

04 ابريل 2014
"مدام ريكاميه"، رونيه ماغريت / بلجيكا
+ الخط -
فيما يُعلَن عن إطلاق إحداها، تُدشِّن أخرى موسمها الجديد، وتُعلِن ثالثةٌ عن نتائجها. وبين "كاتارا" و"بوكر" و"الشيخ زايد للكتاب"، يواصل قطار الجوائز العربية الإبداعية مسيرته الذهبية بصفّارة يردّد صداها الإعلام مرّة كل سنة، ودائماً على سكة "ثقافية" يتّفق الجميع على ندرة رواد محطاتها.

إذ أُعلن في أبو ظبي، منذ أيّام، عن فوز خمسة كتّاب عرب وآخر إيطالي بـ"جائزة الشيخ زايد للكتاب" في دورتها الثامنة التي حصدت جائزةَ "النشر وتقنيات الثقافة" فيها المؤسسة الفكرية العربية "بيت الحكمة" (تونس)، فيما ارتأى محكّموها حجب جائزة "الفنون والدراسات النقدية" لـ"عدم استيفاء الأعمال المقدمة شروط الفوز"، كما تمّ تأجيل الإعلان عن "شخصية العام الثقافية" إلى وقت لاحق دون توضيح الأسباب.

تقاسم الجائزة (تأسست عام 2006) حشدٌ من الكتّاب والباحثين، هم: المصري عبدالرشيد محمودي عن روايته "بعد القهوة" (مكتبة الدار العربية للكتاب)، واللبناني جودت فخر الدين عن كتابه "ثلاثون قصيدة للأطفال" (دار الحدائق)، والسعودي سعد عبد الله الصويان عن مؤلفه "ملحمة التطور البشري" (دار مدارك للنشر)، وهي دراسة تستعرض مراحل التطور البشري وإسهامات الأنثروبولوجيين في هذا المجال، والأردني رامي أبو شهاب عن "الرسيس والمخاتلة.. خطاب ما بعد الكولونيالية في النقد العربي المعاصر" (المؤسسة العربية للدراسات والنشر)، والتونسي محمد الطاهر المنصوري عن ترجمته لكتاب "إسكان الغريب في العالم المتوسطي" (دار المدار الإسلامي)، الذي يرصد عادات استضافة المسافرين وعابري السبيل في إسبانيا قديماً، والإيطالي ماريو ليفيراني عن كتابه "تخيّل بابل" (دار إيديتوري لاتيرزا) الذي يعرض، معمارياً وفكرياً، للمدينة كإحدى أهمّ حواضر العالم القديم. وجميع الكتب الفائزة من منشورات العام الماضي.

وجاء اختيار الأعمال الفائزة من أصل 1385 ترشيحاً موزعة على 46 دولة. ومن المنتظر أن تُوزّع الجوائز (حوالي مليوني دولار أميركي) أوائل أيار/ مايو المقبل على هامش معرض أبو ظبي الدولي للكتاب.

وتشترط معايير الترشح للجائزة أن يكون العمل الإبداعي المقدّم كتاباً لم يمضِ على نشره أكثر من سنتين، ومكتوباً باللغة العربية (باستثناء جائزة الترجمة)، ويندرج تحت أحد التصنيفات التسع المعتمدة للجائزة، وهي التنمية، وبناء الدولة، وأدب الطفل، والمؤلف الشاب، والترجمة، والآداب، والفنون، وأفضل تقنية في المجال الثقافي، والنشر والتوزيع، وشخصية العام الثقافية. ويمكن للأفراد تقديم ترشيحاتهم بأنفسهم بالنسبة للفروع الثمانية الأولى، أما شخصية العام الثقافية، فينبغي أن يأتي ترشيحها من طرف مؤسسات مكرّسة.

وسبق لجائزة الشيخ زايد للكتاب أن تعرّضت لهزّة دوّت أصداؤها في العالم العربي العام 2010 إثر فضيحة نيل كتاب لإحدى جوائزها، سرعان ما تبيّن أنه منحول؛ ليضُطرّ منظموها في ما بعد إلى سحب الجائزة من مؤلفه. وذلك في سابقة هي الأولى من نوعها في تاريخ الجوائز الأدبية العربية.

فقد اكتشف ناقد مصري (عبد الله السمطي) أنّ كتاب "مدخل في نظرية النقد الثقافي المقارَن" (الدار العربية للعلوم ـ ناشرون 2007) للجزائري حفناوي بعلي، الذي أُعلن فوزه عن فئة الآداب، يحوي في حوالي 30 موضعاً منه فقرات مسروقة من كتاب "النقد الثقافي" (صادر العام 2000) للسعودي عبد الله الغذامي.

وهو ما اعترف به بيان لجنة أمناء جائزة الدورة الرابعة الذي صدر بعد حوالي ستة أشهر من المداولات الداخلية. وخرج البيان المذكور ليصف منهج بعلي في عرض مادة النقد الثقافي بأنّه "تجاوز حدود الاستشهاد والاقتباس، وتحوّل في سياقات عديدة إلى الاستحواذ على جهد الآخرين مضموناً ونصاً".

وتكمن المفارقة في أنّ الغذامي نفسه، "ضحية" الانتحال إيّاه، كان يترأس اللجنة الاستشارية للجائزة في حينه. ما أثار عاصفة من الاستهجان والغضب الذي صُبَّ جامُه على الطرفين: الكاتب الذي انتحل أفكار غيره بدايةً، والغذامي الذي- بعدم قراءته الكتاب المتوَّج- لم يلاحظ أنه مسروق من أحد مؤلفاته.

وسرعان ما لجأ الغذامي إلى تقديم استقالته، ما رأى بعضهم فيها خطوة شجاعة، في حين نظر إليها آخرون على أنّه تهرّب من تحمّل المسؤولية، خاصّة وأنّه نصح باقي أعضاء اللجنة الاستشارية بالبقاء في مناصبهم. وهذا ما حصل.

أمّا زملاء الغذامي في تلك اللجنة، ومنهم مَن تبوّأ، في وقت من الأوقات، مناصب مشابهة في جوائز أخرى، فكانوا: المصري صلاح فضل (عضو في "مسابقة أمير الشعراء" في أبو ظبي)، واللبناني رضوان السيد (منسّق "جائزة أهم كتاب عربي" في مؤسسة الفكر العربي)، والتونسي عبد السلام المسدي (رئيس لجنة تحكيم المجال الأدبي في "جائزة السلطان قابوس")، والجزائري واسيني الأعرج (رئيس لجنة التحكيم في "جائزة الرواية العربية" في مؤسسة أصيلة)، والقطري عبد الرحيم كافود (عضو مجلس "جائزة البابطين للإبداع الشعري")، والإماراتي محمد المر (رئيس مجلس إدارة "مجلس دبي الثقافي").

على أنّها ليست المرة الأولى التي تثير فيها الجوائز العربية أسئلة حول لجان تحكيمها، أو شخصيات مَن فازوا بها. فقد سبق للمصري جابر عصفور أن قبِلَ "جائزة القذافي العالمية للآداب" عام 2010، ليعود ويتنصّل منها إبّان الثورة في ليبيا. في حين حاز نجيب محفوظ ومواطنه عبد الرحمن الأبنودي على جائزة (حسني) مبارك للآداب، قبل أن يعلن الأخير منذ فترة ليست بالبعيدة أنّه لم يعلّقها على جداره (ولا وسام استحقاق زين العابدين بن علي) آملاً أن تسترجع الجائزة اسمها الأصلي، أي "جائزة النيل".

المساهمون