تأخّرتَ في الكتابة إلينا

تأخّرتَ في الكتابة إلينا

17 أكتوبر 2014
الشاعر وعائلته في منزلهم في غرناطة، 1912
+ الخط -

من سخرية القدر، ربّما، أن تكون آخر مراسلات لوركا وأمه مكتوبة، كما يُرجّح، قبل سنتين بالضبط من يوم مصرعه (19 آب/ أغسطس 1936). تحمل الرسالة تاريخ 19 آب/ أغسطس، ويرجح المهتمون بإرث الشاعر الإسباني وسيرته أنها تعود إلى عام 1934.

وعلى أي حال، تبدو الرسالة خاتمة صادقة وخلاصة لعلاقة الشاعر بوالدته، يمكن للباحثين في منجزه أن ينطلقوا منها لفهم تأثيرات الأم في طفلها. ومن هنا يمكن أن نفهم الجملة التي قالها قبل وقت قصير من مقتله: "أمي علّمتني كلّ شيء". هنا، في المقابل، إحدى رسائل بيثنتا لوركا الأولى إلى ابنها فيدريكو.

غرناطة، 29 آذار 1921


ولدي الحبيب، جعلتنا قلقين، ننتظر في كدرٍ رسالتك، فقد تأخّرت كثيراً في الكتابة إلينا. لا تفعل هذا، يا رجل، فأنت تعرفنا جميعاً كيف نحن، وعلى وجه الخصوص، والدك الذي احتار ما يفعل: أيسعى إلى طلب مُهاتفتك أم يرسل إليك برقيّة عبر التلغراف. باختصار، لقد كان مُستاءً جداً. لكن بفضل الربّ كلّ ذلك قد انتهى، ونحن الآن سعداء بما شاركتنا من أخبار، وخاصّة أنك بخير، وهو أوّل شيء نتمنى سماعه؛ ولأجل هذا نشعر بالضيق إذ أنّك لا تُكاتبنا إلا قليلاً في فترات متباعدة.

لم تقل لنا مَن الناشر الذي سلّمته مخطوط ديوانك *، وهل سيتأخّر جداً في نشر الكتاب. لا بدّ أنك تتفهّم أني كامرأة، وأيضاً كأمّ، لدي فضول وتوق أكبر مما لدى الجميع تجاه كلّ هذه الأمور. نشرُكَ للقصيدة بطريقتك الخاصّة بدا لنا فكرة طيّبة، وأنت تعرف أن أباك مستعدّ (طالما أنّكم تعملون) أن يقدّم لكم كلّ ما هو ضروريّ.

يفرحنا جدّاً أن تكون عندك عزيمة كافية، فهذا يجعلك تُوقِن أنّ لديك شروطاً وكفاءات تصنع منك فناناً خالصاً ومرهفاً؛ وهكذا ستنطلق لتواجه التحدّيات التي تنتظرك بشجاعة كبيرة، بدون أن تخشى انتقاد الجُهلاء، أو نوايا الحاسدين السيئة الذين، في مثل هذه المجالات، هم غالباً الأكثر عدداً. أسأل السيدة العذراء أن تُوفَّق في جميع شؤونك، وأن يغمرك الاطمئنان فلا يؤثّر عليك شيءٌ يُدخلك في مرحلة عسيرة.

بالتأكيد، قد زارك السيد بيثنتي ألماغر، فهو كان مَن طرح الفكرة على أبيك. وأيضاً سيزورك بيبه باليرو، الأب، فقد عُيِّن في العاصمة. إنهما لطيفان، سيمدّان لك يد العون في كلّ ما يمكن أن يلزمك، مع أنك، والشكر للربّ، قد لا تحتاج شيئاً، ولكنّ هذا يُشكر على أي حال.

اليوم، أرسل لك والدك مبلغ 100 بيسيتا، لكي تشتري حذاءً جديداً، وترتُق القديم المُمزّق. تعرف أننا نحرص أن تكون لائق المظهر، وألا تضطرّ أبداً إلى طلب شيء من أحد.

الجميع يبعث إليك التحيات. قبلاتٌ من إخوتك، وملايين المعانقات من أبويك اللذين يُحبّانك كثيراً.


* تقصدُ ديوان لوركا الأوّل "كتاب الأشعار" الذي طُبع في 15 حزيران/ يونيو 1921.

المساهمون