يوسف أسامة.. القاهرة في زمنٍ انتقاليّ

يوسف أسامة.. القاهرة في زمنٍ انتقاليّ

25 يوليو 2022
مشهد داخلي لمسجد السلطان برقوق، القاهرة، باسكال كوست، حوالي 1839 (Getty)
+ الخط -

تبدو القاهرة المملوكية زمناً خصباً للبحثِ والدَّرس التاريخي، فيها تجتمع إشاراتٌ كثيرةٌ ومتنوّعةٌ من المخيال الشعبي مروراً بمؤامرات السياسة، وليس انتهاءً بالإرث العمراني. 

ولكنّ المواجهة الكُبرى التي قادها المماليك في فترة "الحملات الصليبية" تبقى الحدث الأبرز الذي يتوجّه إليه المؤرّخون ويحاولون تفكيك سردياته، خاصةً في الفترات المبكّرة من حكمهم، مقارنةً بـ"الغزو المغولي" الذي ظهر في فتراتٍ لاحقة.

احتضن "بيت المعمار المصري" لقاءً فكرياً مساء أوّل أمس، قدّمه الباحث يوسف أسامة الذي تناول "الحملة الصليبية السابعة" (1249)، بقيادة ملك فرنسا لويس التاسع، وهي ما يُعرف أيضاً ببعض الأدبيات بـ"حصار دمياط". وتستمدّ استعادة تلك الفترة أهميّتها من حيث وقوعها على مفترَقٍ زمني ما بين نهاية الدولة الأيوبيّة في مصر، وبداية مرحلة جديدة عمادُها المماليك.

انطلق أسامة من التفاتة استراتيجيّة أوردها قائد "الحملة الصليبية الثالثة" ريتشارد قلب الأسد في ما كتبه بعد عودته إلى إنكلترا، وتفيد بأنّ من أراد السيطرة على بيت المقدس فعليه أوّلاً أن يسيطر على مصر. وعلى هذه الأرضية يبدو أن الحملات المتأخّرة، وبالأخصّ السابعة، أعادت النظر في أولوياتها، ونحو أي بقاع الشرق الإسلامي والعربي تتّجه. وهذا يدلّ على أنّ كثافة التحشيد والتجييش لم تنقطع رغم طول الفترة الزمنية التي امتدّت خلالها الحملات لتقارب القرنين من الزمن، لكن مع ذلك فإنّ هاجس السيطرة لم يخفت أثره.

وتابع أسامة شرْحه لمسير الحملة السابعة التي انطلقت من جنوب فرنسا ثم توجّهت إلى قبرص بعديدٍ يُقدّر بثمانية وعشرين ألف مقاتل، ومكثت هناك قرابة ثمانية أشهر، الخبر الذي سرعان ما تسرّب إلى مصر.

ولكنّ الأبعاد الأكثر حساسية على المستوى التاريخي، وفقاً للباحث، تلك التي حملها الوعي الشعبي بمزيج من البطولة والأسى، وتتمثّل بعدّة تفاصيل ابتداءً من وفاة الصالح أيوب آخر ملوك بني أيّوب، بالتوازي مع زحف الصليبيين من دمياط إلى المنصورة، ثمّ صعود نجم شجر الدر التي يشكّل حُكمُها لمصر مرحلة انتقالية بين دولتين وزمنين، وأخيراً بروز اسم الظاهر بيبرس الذي تمكّن إثرَ دوره العسكري، في الحملة التي انتهت بأسر لويس التاسع، من تسيُّد السيرة الشعبية إلى يومنا هذا، وليس فقط الوصول إلى حكم مصر.

المساهمون