هيرفي لو برا: تفنيد خطاب الشعبوية الأوروبية

هيرفي لو برا: تفنيد خطاب الشعبوية الأوروبية

29 ابريل 2022
عمل للفنان جان ميشال باسكيه (1960 - 1988)
+ الخط -

طالما ظلّت مزاعم اليمين الأوروبي تحذّر من عملية استبدال يقول إنها ستجتاح القارّة بُعيد أزمات وحروب مختلفة، يحلّ فيها الملوّنون والمهاجرون محلّ الأوروبيين، وقد غذّت هذه الأفكار طويلاً دعاية التيارات المحافظة في عدد من الامتحانات السياسية التي كانت تتعرّض لها.

في هذا السياق، صدر عن "دار غارسيه" الفرنسية، مطلع آذار/ مارس الماضي، كتاب "ليس هناك استبدال عظيم" للجغرافي والديموغرافي الفرنسي هيرفي لو برا. يحيل عنوان الكتاب إلى الرد على الخطاب اليميني المتطرف الذي رافق الحملات الانتخابية في فرنسا، ضمن موجة صعود الشعبوية والانعزالية، وهو ما روّج له بالتحديد مرشح الانتخابات الرئاسية الكاتب والمعلّق التلفزيوني إيريك زيمور، من خلال ما سماه نظرية "الاستبدال العظيم"، التي يفترض فيها أنّ المهاجرين سيحلّون مكان السكان الفرنسيين خلال الفترة القادمة.

في هذا الكتاب يعود هيرفي لو برا إلى الجذور التاريخية لهذا الخطاب، إذ طالما استخدم اليمين المتطرف سلاح التخويف في معركته المزعومة ضد المهاجرين. كما يوضّح الكتاب كيف انتشر خطاب التخويف من المهاجرين الإيطاليين والألمان إبان الحرب العالمية الأولى (1914 - 1918)، ثم تلته موجة أخرى من الخطاب العدائي اتجاه المهاجرين البولنديين واليوغسلافيين الواصلين إلى فرنسا إبان الحرب العالمية الثانية (1939 - 1945)، ثم بعدها بدأ التخويف من عموم الأفارقة الواصلين إلى الأراضي الفرنسية خلال النصف الثاني من القرن العشرين.

الصورة
غلاف الكتاب
غلاف الكتاب

يشير الكتاب إلى أن هذا الخطاب المذعور طالما ظهر على سطح النقاش العام، إلا أنه أخذ في الآونة الأخيرة "شكل نظرية الاستبدال العظيم." ويوضح لو برا أنه لا يوجد "استبدال" في الأساس، حتى يكون هناك "استبدال عظيم"، إنما هناك سردية تستخدم التخويف والكذب، وهذا ما يجب فهمه.

كذلك يحاجج الكتاب ليوضح مقدار المخاتلة والخلط الأيديولوجي في الخطاب المعادي والمتشدد في وجه المهاجرين، بحيث يمكن له أن يقود إلى تهديدات سياسية مقلقة وقرارات مجحفة بحقّ فئات من المجتمع، ومنها على سبيل المثال: عمليات إعادة المهاجرين، أو سحب الجنسية الفرنسية من بعض الحاصلين عليها، بالإضافة إلى تكميم وسائل الإعلام، وحلّ الجمعيات والمنظّمات المعنية بالدفاع عن المهاجرين والأقليات، والتي يمكن لهذا الخطاب اتهامها بسهولة بأنها مؤيدة لـ"الاستبدال" المزعوم.

المساهمون