هموم شعرية: مع فتحي عبد الله

هموم شعرية: مع فتحي عبد الله

15 نوفمبر 2020
(فتحي عبد الله)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع شاعر عربي في علاقته مع قارئه وخصوصيات صنعته ولا سيما واقع نشر الشعر العربي المعاصر ومقروئيته. "الشعر العربي من أهم الشعريات في العالم ومن أكثرها تميّزاً، لأنه يرتبط بحياة الأفراد بشكل يخلّصه من التجريدات"، يقول الشاعر المصري.


■ من هو قارئك؟ وهل تعتبر نفسك شاعراً مقروءاً؟  

- ليس هناك سياق حقيقي للعملية الثقافية في مصر والعالم العربي تستطيع أن تعرف منه القارئ الذي يتابعك، والمقروئية تكاد تكون متقاربةً بين الشعراء ما عدا النجوم منهم، وهي محدودة.


■ كيف هي علاقتك مع الناشر، هل لديك ناشر وهل هو الناشر الذي تحلم به لشعرك؟

- ليس لي ناشر، وعلاقتي بـ الناشرين ضعيفة لأنها تحتاج إلى أموال وأنا لا أملكها، ولا يوجد الناشر الذي أحلم به لشعري.


■ كيف تنظر إلى النشر في المجلّات والجرائد والمواقع؟

- النشر ضرورة لكل شاعر، شرط أن يتوفّر الوسيط المناسب، وقد اختفت المجلّات الكبيرة المؤثّرة. أمّا الجرائد فما زالت قائمة وإن لم تنشر التجارب الحقيقية، نظراً لإهمالها الشعر أو نشره بدون مكافأة وفي أي سياق. وأمّا المواقع فإنها تتمتّع بحرية مفرطة في النشر، وقد أنهت الاحتكار التي تمارسه المؤسّسات.


■ هل تنشر شعرك على وسائل التواصل الاجتماعي، وكيف ترى تأثير ذلك في كتابتك أو كتابة زملائك ممن ينشرون شعرهم على وسائل التواصل؟

- نشرت ديواني الأخير فقط على وسائل التواصل الاجتماعي، وقد أثّر ذلك كثيراً في الوصول إلى ما هو جوهري في التجربة بأقصر الطرق. أمّا زملائي فقد استفادوا أيضاً من حرية النشر، وإن كان هناك ما يهدّد الشعرية لغياب المعيار وانتشار أنماط كثيرة لا تمتُّ إلى الشعر بصلة، إلّا أنّني أدرك أهمية وسائل التواصل في تطوير التجربة الشعرية مهما كان بها من أخطاء.


■ من هو قارئ الشعر العربي اليوم في رأيك؟

- الشعر ضرورة لكل ما يحدث في الحياة ولا يمكن الاستغناء عنه، وقارئ الشعر موجود وفاعل وهو من كل الطبقات والفئات. فقط تغيَّر دورُ الشعر وخرج من الواجهة ليلعب بحريته في ما هو حقيقي دون ضغوط سياسية.

تُعلي المؤسّسات من قيمة السائد الذي يخدم أغراضها

■ هل توافق أن الشعر المترجم من اللغات الأُخرى هو اليوم أكثر مقروئية من الشعر العربي، ولماذا؟

- نعم أوافق، ولكن على مستوى الشعراء فقط، لاكتساب الخبرات والعوالم الجديدة، كما أن قصيدة النثر أميل إلى أن تكون نصّاً كونياً أو عالمياً ولا ترى تمايزاً بين الثقافات، بل هي تسعى إلى الهجنة والاختلاط باعتبارها إحدى سمات ما بعد الحداثة، للتخلّص من العنصرية والهويات المغلقة.


■ ما هي مزايا الشعر العربي الأساسية وما هي نقاط ضعفه؟

- الشعر العربي من أهم الشعريات في العالم ومن أكثرها تميّزاً، لأنه يرتبط بحياة الأفراد ارتباطاً وثيقاً يخلّصه من التجريدات والتصوُّرات الذهنية، كما أنّ اللغة العربية تمتلك قوة تعبيرية هائلة لأنها تجمع بين مجتمعات كثيرة متنوّعة ومختلفة وأصحاب حضارات كبيرة مثل مصر والعراق والشام، كما أنّ الميراث الشعري للغة العربية متنوّع أيضاً ومتطوّر وإن بطريقة بطيئة وما زال على هذا التنوّع إلى الآن. ومن نقاط ضعف الشعر العربي التكرار أو سيادة التقليد في بعض الفترات وسيطرة المؤسّسات الحاكمة على ما هو شعري، وتلك المؤسّسات تُعلي من قيمة السائد الذي يخدم أغراضها السياسية وتهمّش ما هو حقيقي طالما لا دور له، كما أن اللغة العربية غنائية وتعتمد على الصوت، ممّا يضعف النص الشعري ويقرّبه من المشافهة.


■ شاعر عربي تعتقد أن من المهم استعادته الآن؟

- لا يوجد شاعر بتلك الأهمية في أي ثقافة.


■ ما الذي تتمنّاه للشعر العربي؟

- أن تتركه المؤسّسات الحاكمة لغواياته وجنونه أوّلاً، ثم التخلّص من تلك اللغة الإنشائية والاقتراب من مفهوم الكتابة لا الإنشاد، أو المزاوجة بينهما بطريقة ما، وأن تتخلّص الشعرية من صراعات التجديد الوهمية والزائفة التي روّجها بعض الرواد.


بطاقة

شاعر مصري من مواليد عام 1957. من إصداراته: "راعي المياه" (1997)، و"سعادة متأخّرة" (1998)، و"موسيقيّون للأدوار الصغيرة" (2001)، و"أثر البكاء" (2003)، و"الرسائل عادة لا تذكر الموتى" (2007).

وقفات
التحديثات الحية

المساهمون