هبة أمين.. في تفكيك الاستبداد الرقمي
في أيلول/ سبتمبر عام 2013، ألقت السلطات المصرية القبض على طائر لقلق لاشتباهها بحمله جهاز تجسس، ليتم الإفراج عنه لاحقاً بعدما تبيّن أن الجهاز يوضع لتتبّع الطائر المهاجر من أوروبا إلى جنوب أفريقيا. حادثة طريفة توقفت عندها الفنانة المصرية هبة أمين في بحثها عن تأثير التكنولوجيا على الحقائق السياسية.
بحثٌ قاد أمين إلى إقامة معرضها "عندما أرى المستقبل، أغمض عيني" في لندن نهاية 2020، حيث تتبّعت خلاله مجموعة قضايا تناولتها في أعمال تضيء العنف الاستعماري، والمراقبة وخطاب الديكتاتوريات حول العالم، وظهور الاستبداد الرقمي، ومنها اللقلق الذي قامت بطياعة صورته بلون وردي وعرضته مع صورة أخرى باللونين الأبيض والأسود في محاكاة لصورة أرشيقية تظهر المفوض السامي البريطاني لمصر والسودان بين عاميْ 1912 و1925 إدموند اللنبي مع حيوانه الأليف وهو لقلق أيضاً.
في جزء ثانٍ من المعرض الذي افتتح في "غاليري زيلبرمان" ببرلين في الأول من الشهر الماضي، ويستمر حتى الثلاثين من الشهر المقبل، تواصل الفنانة تقصيها لتاريخ رؤية الآلة كوسيلة لتعزيز الطموحات السياسية والخطابية للاستغلال الاستعماري الذي ناقشته في مشاريع سابقة.
تسترجع أمين أول صورة فوتوغرافية معروفة تم التقاطها في القارة الأفريقية في 7 تشرين الأول/ نوفمبر عام 1839، وكانت للجزء الخارجي من قصر حريم محمد علي باشا في الإسكندرية، ورغم أن الصورة لا تظهر فيها النساء إلا أنها أثارت حماسة الجماهير في باريس في سياق إكزوتيكي.
وتعيد بناء هذه الصورة من منظور معاصر، وتفعل الشيء نفسه مع صورة للتجارب النووية التي أجراها الاستعمار الفرنسي في الجزائر عام 1960، حيث أعادت بناءها في عمل بعنوان "مرثاة ذرة" (2022) يصوّر أشخاصاً ينتظمون في صفّين متوازيين وكأنهم يراقبون تفجير قتبلة ذرية، في شهادة بصرية على موروث استعمار لا يزال يسعى للهمينة على المستقبل.
في عملها "تحدث2 تويت"، تتناول أمين روايات شخصية لشخصيات عايشت الثورة المصرية عام 2011، والتي منعت خلالها الحكومة الوصول إلى الإنترنت في البلاد، حيث أنشأ حينها مبرمجون منصة، يحمل العمل الفني عنوانها، تسمح للمواطنين بالاتصال برقم وتسجيل رسالة صوتية لنشرها على تويتر، وهو تقنية استفاد منها المحتجون.
