نظمي الجعبة: عن "حرب الرواية" مع المحتلّ

نظمي الجعبة: عن "حرب الرواية" مع المحتلّ

19 يونيو 2022
(من المحاضرة)
+ الخط -

بعد المُحاضرة الأُولى التي قدّمها المفكّر العربي عزمي بشارة في أيار/ مايو 2021 بعنوان "في راهنية النكبة، وفي راهنية قضية فلسطين عربيًا"، قدّم الباحث الفلسطيني نظمي الجعبة، أمس السبت في الدوحة، محاضرةً بعنوان "القدس ومعركة البقاء" ضمن "محاضَرة النكبة السنوية" التي يُنظّمها "المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات" و"مؤسّسة الدراسات الفلسطينية".

في حديثه عن الخلفيات السياسية والاجتماعية للحراكِ المتواصل في القدس، ومن ضمنه السياسات الإسرائيلية وما أنتجته من واقع، أكّدَ أستاذ التاريخ في "جامعة بيرزيت" بفلسطين أنّ ما يجري في القدس حاليًّا هو حالة استثنائية ستنعكسُ على ما يدور في المنطقة العربية والشرق الأوسط، مستعرضًا سياسات الاحتلال الإسرائيلي وتأثيرها في المدينة وسكانها، ومؤكّدًا أنّ الاحتلال يستعمل سلاحَي الأرض والسكان لمحو هوية القدس.

رأى الباحث في تاريخ القدس وتراثها أنّ العامل الديموغرافي مقلقٌ للاحتلال الإسرائيلي إلى حدّ بعيد، وتوقّع أنّ عدد السكان الفلسطينيين قد زادَ على 50 في المئة من عدد السكان في عموم فلسطين التاريخية، مقارنةً بالهجرة العكسية للإسرائيليين.

يتحدّى الفلسطينيّون الرواية الإسرائيلية بوعي ذاتي وهوياتي

أمّا بالنسبة إلى الأرض، فقد تمثّلت محاولات الاحتلال في حصرِ السكان الفلسطينيين للعيش على 10 في المئة فقط من مساحة المدينة. ورأى الباحث، أيضًا، أنّ السياسات الإسرائيلية للسيطرة على الأرض قد نجحت كثيرًا عبر الاستيطان المتنامي على نحو واضح.

وأضاف الجعبة أنّ الاستيطان لا يهدف إلى السيطرة على الأرض فقط، بل يهدف كذلك إلى تفتيت النسيج الوطني الاجتماعي، لكن المقاومة الشعبية غير المُسيّسة تقف حائلًا دون هذه السياسات. أمّا بشأن نمو السكان، فقد ذكر الباحث أنه يصب في مصلحة الكتلة السكانية الفلسطينية؛ إذ يزيد عدد المواليد الفلسطينيين في القدس كاملة على عدد المواليد الإسرائيليين، الذين يَكثرون حصرًا في الطوائف اليهودية المتدينة.

وأمّا بشأن الوضع الاقتصادي لسكان القدس، فقد أشار الباحث إلى أن الاحتلال اتبّع سياسة محكمة لإفقار سكان المدينة؛ عبر إجبار الطبقة الوسطي على الخروج من القدس والاستثمار خارجها، وتوجيه الطبقة العاملة إلى سوق العمل الإسرائيلي، للعمل بوظائف ذات دخول متدنّية، كالنظافة وأعمال البناء.

وتطرّق الجعبة كذلك إلى محاولة قراءة مستقبل مدينة القدس؛ بناءً على المعطيات الحالية، وفي ضوء مشاريع الاحتلال التي تستهدف المدينة وسكانها الفلسطينيين، ولا سيما داخل أحياء البلدة القديمة التي أخفق الاحتلال في تهويدها، رغم كل محاولاته المستميتة التي تستخدم كل وسائل القوة.

واختتم الباحث محاضرته بتناول محاولات "إسرائيل" خلقَ سردية مزيفة، وسمّى ذلك "حرب الرواية"؛ بين الروايتين الإسرائيلية الشعبية الواسعة التي تقودها حركات قومية دينية صهيونية، وبين الرواية الفلسطينية التي تتحدّى هذه الرواية بوعي ذاتي وهوياتي من جانب الفلسطينيين الذين بات الجيل الشاب منهم يتحرّك من دون توجيه الفصائل الفلسطينية، على اختلافاتها كافة، أو السلطة الفلسطينية، وهو ما يجعل أهداف الاحتلال، الذي لا يستطيع مواجهة العمل الشعبي الجماهيري غير المنظم، أمرًا صعبًا.

المساهمون