مهدي بوخالفة: تأريخٌ لحي باب الواد

مهدي بوخالفة: تأريخٌ لحي باب الواد

21 يوليو 2021
مشهد من حي باب الواد بالجزائر العاصمة (Getty)
+ الخط -

بدأ الكاتب الجزائري مهدي بوخالفة (1955) العمل الصحافي عام 1983، غير أنّ أوّل كتبه لن يصدر إلّا بعد سنوات طويلة مِن ذلك، وكان بعنوان "ماما بينات" (2019). وبعده توالت إصداراته لتبلغ أربعة كُتب في غضون أقلّ من ثلاث سنوات؛ حيث صدر له: "مسيرة الشعب": أسباب الغضب" (2020) الذي تناول فيه الحراك الشعبي الذي عاشته الجزائر منذ شباط/ فبراير 2019، و"جناح كوفيد 19: سبعة أيام في الجحيم" (2021) الذي وثّق فيه لتجربة إصابته بفيروس كورونا المستجدّ.

وفي كتابه الرابع "لاكانترا، كان يا مكان باب الواد"، الصادر حديثاً عن "دار القبية"، يكتب بوخالفة تاريخاً لحيّ باب الواد، الذي يُعدّ أحد أقدم أحياء مدينة الجزائر العاصمة وأكثرها اكتظاظاً بالسكّان؛ حيثُ يتوقّف عند مراحل مختلفة من تاريخه؛ بدءاً بنشأته ومروراً بالفترة الكولونيالية ووصولاً إلى اليوم، مع رصد لأبرز أماكنه من ملاعب وشواطئ ومقاه وحانات وقاعات سينمائية وساحات عامّة.

يذكر بوخالفة أنّ الحي نشأ في السنوات الأولى للاحتلال الفرنسي لـ الجزائر (1830) مِن قبل مستوطنين قادمين من إسبانيا ومالطا وإيطاليا، حيث شيّدوا عام 1900 حيّاً فوضوياً عند سفح مقلع للحجارة يُعرف باسم "مقلع جوبر"، وقد بات الحيُّ يُرف باسم "الكانتيرا"، وهي كلمة إسبانية تعني المقلع.

ومن بين المحطّات التي يتوقّف عندها المؤلّف أحداث تشرين الأول/ أكتوبر 1988، وهي انتفاضة شعبية ضدّ السلطة الحاكمة سقط فيها المئات من القتلى والجرحى وانتهت بإقرار التعدُّدية الحزبية والإعلامية، متطرّقاً إلى المشادّات بين المتظاهرين ورجال الأمن التي عرفها الحيُّ في العاشر من الشهر نفسه، وأودت بحياة عشرات من سكّانه. كما يعود إلى فيضانات تشرين الثاني/ نوفمبر 2001 التي خلّفت المئات من القتلى والمفقودين، إلى جانب تضرُّر عدد كبير من بنايات الحي.

وبالوصول إلى الحاضر، يرصد الكتاب ما شهده الحيُّ من تغيُّرات؛ مثل إعادة تهيئة "شاطئ الرميلة"، واختفاء قاعات السينما، وإزالة السوق الشعبية المعروفة باسم "سوق الساعات الثلاث".

 يستند مهدي بوخالفة، في جانب كبير من هذا الكتاب، إلى ذاكرته الشخصية، بوصفه أحد مواليد الحيّ؛ حيث يستعيد طفولته وشبابه ودراسته في "ثانوية الأمير عبد القادر" التي درست فيها أسماء معروفة، مثل الكاتب والأنثروبولوجي مولود معمري، والممثل روجيه حنين، وإمام "مسجد باريس" سابقاً دليل أبو بكر.

يستعيد العملُ أيضاً صور الطوابير الطويلة أمام قاعات السينما في السبعينيات، ومن بينها "لينكس" و"البلازا" و"مارينيان"، كما يُضيء على مقاهي الحي وحاناته ومكتباته ومحلّات بيع التسجيلات الغنائية وساحاته العمومية، وأيضاً شغف سكّانه بكرة القدم والبحر والصيد.

المساهمون