مفكرة المترجم: مع صفوان الشلبي

مفكرة المترجم: مع صفوان الشلبي

19 أكتوبر 2020
صفوان الشلبي
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع مترجمين عرب في مشاغلهم الترجمية وأحوال الترجمة إلى اللغة العربية اليوم. "وزارات التربية والتعليم في العالم العربي، فقدت بوصلتها، لذلك نشأ جيل لا يقرأ لا أدبه ولا أدب العالم حوله"، يقول المترجم الأردني لـ "العربي الجديد".


■ كيف بدأت حكايتك مع الترجمة؟
- لم يكن يخطر ببالي يوماً، أني سأصبح مترجماً، لكن بعد أن قرأت لعزيز نيسين قصصه، أثناء دراستي الهندسة في إسطنبول، ورويتها لزملائي، ألحوا عليّ أن أترجم بعضاً منها، فاخترت إحدى قصصه وأرسلتها إلى مجلة العربي، فنشرتها لي. أن تنشر المجلة الثقافية الأولى في العالم العربي، في ذلك الوقت، أول محاولة لي في الترجمة، يعني الشهادة لي بحسن ترجمتي، ما شجعني على ترجمة المزيد، وظلت العربي وغيرها من المجلات الأدبية الأخرى تنشر لي. ثم إن والدي كان قد ترجم في أربعينيات القرن الماضي قصصاً لعمر سيف الدين ورشاد نوري وغيرهما، من اللغة العثمانية، أي أني شعرت أن عليّ إكمال مشواره. 


■ ما هي آخر الترجمات التي نشرتها، وماذا تترجم الآن؟
- رواية المتاهة للكاتب برهان سونميز نُشرت مع بداية هذا العام. ومسرحيتان قيد النشر للكاتب تونجير جوجين أوغلو، وحالياً، أعمل على أربع مسرحيات للأطفال.


■ ما هي، برأيك، أبرز العقبات في وجه المترجم العربي؟
- قد يرى البعض في العالم العربي أن المترجم مجرّد ناقل نص، لكن الترجمة الأدبية ليست بنقل النص نفسه بالتمام والكمال، والمترجم الجيد يستطيع أن يفرض نفسه من خلال ترجمته الابداعية. وزارات التربية والتعليم في العالم العربي، فقدت بوصلتها، ولم تعد تولي المطالعة في مناهجها أي اهتمام، على عكس ما نراه في تركيا، فالمطالعة مادة أساسية في غالبية المراحل الدراسية. لذلك نشأ جيل لا يقرأ لا أدبه ولا أدب العالم حوله. 


■ هناك قول بأن المترجم العربي لا يعترف بدور المحرِّر، هل ثمة من يحرّر ترجماتك بعد الانتهاء منها؟
- الخلاف ليس بين المترجم والمحرّر، بل بين دار النشر والمحرّر. دار النشر التي تحترم إصداراتها، تعتمد على المحرّر لتقدّم للقارئ نصاً خالياً من العيوب على اختلاف مصدرها، وكذلك ترجماتي، فما صدر منها عن دار نشر بلا محرّر، طُبعت كما هي، وما صدر منها عن دار نشر تحترم دور المحرّر، جرت مراجعتها. لكن كي يكون المترجِم مبدعاً فلا بد له من إتقان اللغتين المصدر والهدف. ورغم ذلك، فقراءة شخصين للنص المترجم أفضل من قراءة شخص واحد. 


■ كيف هي علاقتك مع الناشر، ولا سيما في مسألة اختيار العناوين المترجمة؟
- كل ما نشرته حتى الآن من اختياري الشخصي، أتابع الأدب التركي القديم والحديث، وأقرأه، ثم أترجم ما أتذوقه. بعد ذلك، أبحث عن ناشر، وأتفق معه على النشر، ما عدا رواية المتاهة، فقد عُرض عليّ ترجمتها وبعد أن قرأتها، أعجبتني فوافقت على ترجمتها. 


■ هل هناك اعتبارات سياسية لاختيارك الأعمال التي تترجمها، وإلى أي درجة تتوقف عند الطرح السياسي للمادة المترجمة أو لمواقف الكاتب السياسية؟
- ما دمت أختار الأعمال بنفسي، فمن البدهي، أني لا أترجم إلا ما يتفق ورؤياي.


■ كيف هي علاقتك مع الكاتب الذي تترجم له؟
- غالباً ما تقف عند حدود طلب الإذن بالترجمة والنشر. بدايات صداقة كانت ستنشأ مع المرحوم جوجين أوغلو، لكن الموت قد خطفه قبل صدور ترجمتي لأعماله. 


■ كثيراً ما يكون المترجم العربي كاتباً، صاحب إنتاج أو صاحب أسلوب في ترجمته، كيف هي العلاقة بين الكاتب والمترجم في داخلك؟
- كانت لي بعض المحاولات، لكنني لم أقتنع بها، ووجدت نفسي في الترجمة الأدبية، لإيماني بأن الترجمة الأدبية خيال وإبداع، مثلها مثل كتابة القصة والرواية. 


■ كيف تنظر إلى جوائز الترجمة العربية على قلّتها؟
- الكاتب المترجم بحاجة إلى حافز وتشجيع كي يبدع، مثله مثل أي عمل آخر، لكن محدودية الجوائز الأدبية في عالمنا العربي الواسع تسبب الإحباط.


■ الترجمة عربياً في الغالب مشاريع مترجمين أفراد، كيف تنظر إلى مشاريع الترجمة المؤسساتية وما الذي ينقصها برأيك؟
- ما تقوم به دور النشر العربية، هو عمل تجاري بحت لا يختلف عن أي عمل آخر. يتم الاتفاق بينها وبين دور النشر الأجنبية لترجمة أعمال قد يكون لها مردود مالي، من دون أخذ نوعية هذه الأعمال بالاعتبار. لكن قد نجد عذراً لهذه المؤسسات، فالكتاب تجارة خاسرة عند أمة اقرأ التي لا تقرأ! 


■ ما هي المبادئ أو القواعد التي تسير وفقها كمترجم، وهل لك عادات معينة في الترجمة؟
- لا بد لي من الاطلاع على سيرة الكاتب الأدبية والحياتية أولاً، ثم أتصفح عناوين أعماله، وأحاول العثور على دراسة جدية لأعماله. بعد ذلك، أشرع بقراءة بعض أعماله، لأصل إلى ما يمكن ترجمته إلى العربية.


■ كتاب أو نص ندمت على ترجمته ولماذا؟
- لم أشعر بالندم على ترجمة أي عمل قمت به حتى الآن. 


■ ما الذي تتمناه للترجمة إلى اللغة العربية وما هو حلمك كمترجم؟
- الترجمة أحد أهم أعمدة الثقافة، فهي جسر عبور بين الثقافات. حضارتنا الماضية بُنيت على ترجمة الكتب الإغريقية، والحضارة الأوروبية بُنيت على ترجمة الكتب العربية. إذن فالترجمة توسّع المعرفة والمدارك العقلية، وتبعدنا عن الجمود الفكري وتفتح آفاق التفكير، وقبول الثقافات الأخرى. لذلك أحلم بمزيد من تشجيع الترجمة من كافة اللغات وفي شتى المجالات، وتوعية الجيل الناشئ بدور الترجمة كوسيلة للتكامل بين الحضارات لا للتصادم بينها.


بطاقة
مترجم أردني عن اللغة التركية، أصدر ما بين 2006-2020: "مجنون على السطح"، "قصص مختارة" ومسرحية "هل تأتي قليلًا" لعزيز نسين. و"رجل عديم الجدوى"، قصص مختارة لسعيد فائق. و"نوا أثر"، قصص لكتّاب ما قبل الجمهورية. و"لا وجود لما يدعى بالغد"، قصص لكتّاب الجمهورية، وقد فازت بجائزة الشيخ حمد للترجمة من التركية 2015. وإبداعات نسائية، قصص لمجموعة من الكاتبات. بالإضافة إلى أربع مسرحيات لعدالت آغا أوغلو. و"طائر النمنمة"، رواية لرشاد نوري، و"المتاهة"، رواية لبرهان سونميز.

الأرشيف
التحديثات الحية

المساهمون