"معرض القاهرة الدولي للكتاب".. نزهة الملايين

12 فبراير 2025
من الدورة الحالية
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تبدأ زيارتك لمعرض القاهرة الدولي للكتاب بتنظيم مريح منذ وصولك، مع استقبال في المطار ونقل إلى فندق "توليب غاردن بلازا"، حيث تجد نفسك وسط حشود من الزوار، مما يخفف من توترك.
- يشمل برنامج المعرض أنشطة ثقافية متنوعة على مدار ثلاثة أيام، تتضمن ندوات حول روايتك "الشيخ الأحمر"، وشعرك، والثقافة في لبنان وفلسطين، مما يتيح مناقشة تأثيراتك الأدبية.
- يشكل المعرض فرصة للقاء الأصدقاء القدامى والجدد، ويعتبر حضورك إطلالة جديدة على مصر، حيث تضفي الندوات قيمة خاصة رغم قلة الحضور.

تبدأ زيارتك لـ"معرض القاهرة الدولي للكتاب" بمجرد نزولك من الطائرة. ثمّة من ينتظرك عند الباب، وليس عليك إلا أن تجلس، وتتركه يقوم عنك بالإجراءات كافة. بعدها سيسلّمك لتاكسي مُعد للمناسبة، وسيكون الفندق "توليب غاردن بلازا" شاهقاً وجاهزاً لاستقبالك. لن تقلق في انتظار التاكسي الذي سيقلّك إلى المعرض، ولن تقلق وأنت تنتظر العودة إلى الفندق. هنا، بما يشبه المعجزة، تنتظم الأمور وتتواصل واحداً بعد واحد، بما يشبه السحر.

أنتَ تصل من الفندق إلى المعرض. ما إن تنزل من التاكسي، حتى تجد نفسك وسطَ طوفان بشري. إنّها مئات الآلاف تملأ الرحب وتنتشر على مساحة المعرض، مئات الآلاف تمور وتجول. لا بدَّ أنَّ هذا سيُرهبك بادئ ذي بدء، وسيخامرك خوف من أن تضيع وسط الجموع. ثم إنّك لا تعرف برنامجاً لليوم، ولا تدري إلى أين تقصد. إنها لحظة حيرة تستوقفك برهة واحدة. ثم، بما يثير العجب، لا تلبث أن تصادف شخصاً تعرفه، أكان في انتظارك، أم أنها المصادفة، لست أكيداً، لكن مصادفة كهذه ستحدث في كل وقت، وكأنها نظام قائم بذاته.

ستجد نانسي حبيب من "دار الشروق"، التي نشرت روايتك "الشيخ الأحمر"، أو حنين طارق من هيئة المعرض، ليس هناك من موعد بينكما لكنّك تصادفهما، أو تصادف أيهما على الباب، عند ذلك سيزول روعك، وتقرّ نفساً، وتبدأ الانخراط في الجمهور الهائل الذي لم يعد يخيف. ليست هذه وحدها المفاجأة التي تتكرّر كلّ وقت، هناك أيضاً البرنامج الذي أعدّ لك. إنّه برنامج حافل يقتضي منك، على مدار ثلاثة أيام، أن تنتقل من مكان إلى آخر. نشاط واحد أو نشاطان في اليوم. سيكون عليك أن تشارك في ندوة حول الرواية التي نشرتها "دار الشروق" المصرية، ثم يتبع ذلك نشاطان حول شعرك، قراءات ونقاشات، ثم تنتظرك ندوة حول لبنان وفلسطين ثقافياً.

كان حضوري، بعد انقطاع سنوات، فرصة لإطلالة على مصر حان موعدها

كل ندوة من هذه يديرها في الغالب واحدٌ اجتهد في الإعداد لها، واجتهد في التعريف بك، وأنتَ على المنصة مرّة أو مرتين في اليوم، وحدك أو مع شريك آخر، وبالطبع مع مدير للجلسة، تستقبل عشرات الأسئلة، تلك التي تخصّك وتخصّ عملك، وتلك التي تتعدّى ذلك إلى الكلام عن مسائل الشعر والرواية والثقافة العربية واللبنانية والفلسطينية بوجه خاص. ليست المسائل على تعدّدها، سطحية كما هو المعتاد في الندوات العامة، ومن يديرونها ليسوا مرتجلي أسئلة، أو مستحضرين لها من العموم والدارج.

إنهم، كما لاحظت في الغالب، قد تعبوا في إعدادها، وأهم من ذلك، أنهم بحثوا وقرأوا واستخرجوا من ذلك أسئلة حقيقية، كان عليّ أن أردّ الرواية إلى حياتي الخاصة أو إلى بيئتي، كما كان عليّ أن أوازي بين الشعر والرواية في أدبي، وأن أجد لهما مقابلاً في ثقافتي وفي سيرتي. كان عليّ أن أتكلم في القصيدة العربية الراهنة، وفي الرواية العربية الراهنة، كما كان عليّ أن أذكر تأثراتي العربية والغربية، وبخاصّة تلك التي عُرفت عني، كهذا السؤال الذي استعاد ما كنت قد ذكرته من فضل ريتسوس الشاعر اليوناني وقراءتي له، على عودتي إلى الشعر، وتحوّلاتي في الشعر والرواية. كذلك كان عليّ، باعتباري صحافياً، أن أعرض للثقافة في لبنان وفي فلسطين وفي العالم العربي. كنت أمام مسائل جارية، وراهنة، ومدروسة، بحيث إنّ الندوات الأربع أو الخمس، كانت بحق مروراً على اللحظة والواقع الثقافيين.

بالطبع لم تكن ندوات حاشدة كما هو المعرض. كان عشرات ومئات الآلاف في شوارع المعرض، لكن الندوات، وهذا طبيعي، تتسع لعشرات، لكن هؤلاء كانوا، على قلّتهم، مهتمين. ثم إنَّ المعرض كان فرصتنا للقاء أصدقاء قُدامى وجُدد، كان حضوري، بعد انقطاع سنوات، فرصتي لإطلالة على مصر حان موعدها.
 

* شاعر وروائي من لبنان

المساهمون