مصطفى عبد المعطي.. استعادة الفنان السكندري

مصطفى عبد المعطي.. استعادة الفنان السكندري

22 اغسطس 2021
(مصطفى عبد المعطي)
+ الخط -

يستعير مصطفى عبد المعطي في منحوتاته الأسلوب التجريدي الذي عكسته العديد من تماثيل الحضارة المصرية القديمة أو الفترة البطلمية اليونانية، حيث تظهر المجسمات الهندسية من كُرات وأهرامات ومكعبات في تمازج مع العديد من موتيفات الفنون الشعبية التي تتصل بعروسة المولد والألعاب والطقوس الشعبية.

بدأ الفنان المصري (1938) تجريبه منذ ستينيات القرن الماضي مستخدماً مواد متعددة أهمها البرونز من أجل تقديم رؤيته التي تستند إلى بعد فلسفي صوفي في إقامة حوار بين الأشكال التي يرسمها أو ينحتها، والتي تتسق في بنية هندسية لا تنفصل عن نظام الكون وحركة أجرامه وكواكبه في سياق متوازن ومدروس.

الصورة
(من أعمال مصطفى عبد المعطي)
(من أعمال مصطفى عبد المعطي)

يستعيد "مركز محمود سعيد للمتاحف" في مدينة الإسكندرية تجربة عبد المعطي في معرض فني يفتتح عند الخامسة من مساء بعد غدٍ الثلاثاء تحت عنوان "العرّاب" في قاعتي أجيال 1و2 بالمركز، ويتواصل حتى نهاية الشهر المقبل.

يضيء المعرض مراحل مختلفة من مشوار الفنان الذي يصفه بقوله: "أحاول في أعمالي أن أطرح مفهومي عن العلاقة بين الموروث والحاضر، فالشكل عندي يتكون من عناصر تجمع ما بين الخطوط الحانية التي يمكن اكتشافها في الفروض الجمالية التي تطرحها الطبيعة المصرية، وأشكال توحي بتراكيب رياضية هندسية.. كل هذه الأشكال منفردة أو مجتمعة إنما فرضها فكر العصر الذي نعيشه الآن، لكن هذه العناصر في علاقاتها تعكس ذلك القلق الذي يحياه إنسان العصر".

الصورة
(من أعمال مصطفى عبد المعطي)
(من أعمال مصطفى عبد المعطي)

نال عبد المعطي بكالوريوس الفنون الجميلة من "جامعة الإسكندرية" عام 1962، ثم أكمل دراساته العليا حتى حاز درجة الدكتوراه من "أكاديمية سان فرناندو" في "جامعة مدريد"، إلى جانب درجتي الدبلوم العالي في التصوير الجداري والتصوير الزيتي من الأكاديمية نفسها. 

في عام 1964، أسّس مع اثنين من فناني مدينته الإسكندرية هما سعيد العدوي ومحمود عبد الله جماعة أطلقوا عليها اسم "التجريبيين"، في مرحلة كان التشكيل المصري يشهد حراكاً جدياً ضمن ثيمات عديدة، كالبحث عن هوية فنية، ومحاولات التجديد في الأسلوب والرؤى والتقنيات.

افترق عبد المعطي عن زميليه الآخرين من خلال اهتمامه بالبعد المعرفي وما توفّره الاكتشافات والمخترعات العلمية الجديدة في فهم أعمق للعلاقة بين الإنسان والطبيعة، بعيداً عن تلك الصلات والرؤى ذات البعد الرومانسي، ما جعله ينزع نحو تشكيلات مجرّدة مأخوذة من معادلات وأنظمة حسابية كتلك التي اعتمدها الإنسان للصعود إلى القمر، يحيث تصبح القياسات والحجوم والكتلة والوزن والكثافة معايير أساسية لتشكيل الجسد الإنساني ونحته.

رغم توقّف أنشطة "التجريبيين" واتخاذ كلّ فنان من الثلاثة مساره الخاص، لكن معايير أساسية ظلت تحكم تجاربهم، كما في تجربة عبد المعطي، وأولها التخلّص من الأسلبة أو المدارس الفنية التي هيمنت على المشهد التشكيلي المصري حتى التسعينيات لصالح الرؤية، واستمرار موضوع المنظر الطبيعي أساساً للعمل الفني مع نزوع نحو التخييل والرمزية، والتأكيد على التلقائية التي لا يمكن تجاهلها مطلقاً.
 

المساهمون