محمد محفوظ جابر.. واقع الاستيطان الصهيوني في الأغوار

محمد محفوظ جابر.. واقع الاستيطان الصهيوني في الأغوار

15 يونيو 2021
نهر الأردن بالقرب من مدينة أريحا عام 1950 (Getty)
+ الخط -

يعود الباحث محمد محفوظ جابر في كتابه "المستوطنات الصهيونية في محافظة أريحا والأغوار"، الذي صدر حديثاً عن "دار فضاءات"، إلى اتفاق أوسلو الذي نصّ على تخصيص منطقة وادي الأردن للدولة الفلسطينية المُقبلة، إلّا أن 93.4 في المائة من المنطقة ما تزال حتى الآن تحت السيطرة الإسرائيلية، وعليها ما يقرب من أربعين مستوطنة إسرائيلية يعتبرها القانون الدولي غير شرعية، وتستخدم ضعف مساحة الأراضي القابلة للزراعة المتاحة للفلسطينيين.

ويشير المؤلّف إلى أن منطقة الغور تمثّل السلّة الغذائية لسكّان مدن الضفة الغربية، إذ تصل مساحتها إلى 720 ألف دونم، بما يشكّل 28.8 في المائة من مجمل أراضي الضفة، لكنّ "إسرائيل" حوّلت كلّ شبر منها إلى مشروع اقتصادي، وفي المقابل لا وجود لمشاريع اقتصادية تديرها السلطة الفلسطينية في الأغوار لأن الاحتلال لا يسمح بذلك، كما أنه جرت مصادرة 77 في المائة من الأغوار تحت ذرائع مختلفة، مثل اعتبار الأراضي المصادَرة منطقةً عسكرية أو محميّةً طبيعية.

يستعرض الكتاب تاريخ الاستيطان في وادي الأردن منذ احتلاله سنة 1967

ويورد الكتاب نتائج دراسة حديثة صدرت عن "شبكة السياسات الفلسطينية" للباحثات نور عرفة وسامية البطمة وليلى فرشخ، التي تبيّن أن 40 في المائة من صادرات التُمور الإسرائيلية تأتي من وادي الأردن، وأن استغلال هذه الأرض يزوّد "إسرائيل" بعائد سنوي يقارب 130 مليون دولار، ما يعني أن التعامل مع هذه المنطقة لا يندرج ضمن دوافع أمنية فقط، كما يُردّد قادة الاحتلال، وإنما يثبت الأطماع الصهيونية في الأرض والماء والسيادة على نهر الأردن.

من جهة أخرى، فإن الاحتلال وضع مخطّطاً منذ احتلاله وادي الأردن عام 1967 يقضي بفصله عن مناطق الضفّة، بحسب جابر، وتمّ التعامل معه بطريقة مختلفة تُماثل السياسات المتّبعة لفصل القدس عن بقية المناطق الفلسطينية، حيث أخضع الجيش الإسرائيلي مناطق الأغوار لقوانين خاصّة، وتم إعلان أجزاء كبيرة منها مناطقَ عسكريةً مغلقة بغرَض إقامة قواعد عسكرية وبناء المستوطنات على الأراضي التي تمّت السيطرة عليها بموجب قانون أملاك الغائبين.

الصورة
غلاف الكتاب

كما يوضّح أن منطقة أريحا مُحاطة منذ نهاية عام 2000 بقناةٍ حفرها جيش الاحتلال على عمق وعرض مترين، ويصل طولها إلى نحو ثلاثين كيلو متراً، وتمّ إغلاق المداخل التي تؤدّي إلى شرق وشمال شرقيّ المدينة، كما يُحرَم الفلسطينيون من الاستثمار على شواطئ البحر الميت الذي تقيم "إسرائيل" عليه خمسة عشر فندقاً تدرّ نحو ثلاثمئة مليون دولار سنوياً.

ويلفت إلى أن الأغوار تحتوي الحوض المائي الأكبر في فلسطين والذي تسيطر "إسرائيل" على 85 في المائة من مجموع المياه فيه، حيث يستهلك المستوطن فيها ثمانية أضعاف ما يستهلكه الفلسطيني، وقامت أيضاً بتدمير عشرات الآبار الزراعية التي كان يستخدمها المزارعون الفلسطينيون، واحتكار أعمال الحفر وتوزيع المياه، ما فرض على الفلسطينيين ــ الذين يواجهون شُحّاً في الماء ــ شراءه عن طريقة شركة "ميكوريت" الإسرائيلية حصراً.

إلى جانب ذلك، تُواصل سلطات الاحتلال سياسة هدم المنازل وقطع المياه عن الفلسطينيين في الغور، وطردت العشرات في قريتي الجفتلك ومرج نعجة بذريعة عدم ترخيص بيوتهم، كما هدمت 350 منزلاً و719 منشأة في الأغوار التابعة لمنطقة طوباس، إلى جانب المخطّطات التي تسعى إلى تهجير بدو الغور من تجمّعاتهم الستّة والأربعين، وغيرها من المناطق.

كما يستعرض جابر تاريخ الاستيطان في الغور منذ احتلاله سنة 1967، بدءاً من المشروع الذي طرحه الوزير الصهيوني إيغال ألون والذي حمل اسمه، ثم خضعت لجملة تعديلات عام 1997، لكنها حافظت على جوهرها المتمثّل في إقامة مستوطنات تحت ذريعة أنها عسكرية ليجعلها "مبرّرةً" بحسب القانون الدولي، وأُتبعتْ بمخطّطات ومشاريع أخرى منها "خطة العمود الفقري المضاعف" سنة 1975، و"خطة تطوير وادي الأردن" في العام التالي، و"مخطّط شارون" عام 1982، و"خطة مرغوليس وآخرين" سنة 1996.

ويفصّل المؤلّف أيضاً واقع المستوطنات من حيث نشأتها وموقعها وتطوّرها ومساحتها وعدد المستوطنين الذين يسكنون فيها، وطبيعة نشاطهم فيها، مثل مستوطنات أرجمان والموج وأليشع وبتصائيل وتومر وجلجال وحمره وروعي وروتم وكالبه ومسكيوت ونيران وعير أوفوت وغيرها، متطرّقاً إلى صفقة القرن التي تعكس المخطّطات المستقبلية للاحتلال بضمّ جميع البؤر الاستيطانية في الغور لـ"إسرائيل".
 

المساهمون