ما يريده السوريون من وزارة الثقافة

10 ابريل 2025
مواطن سوري يتصفّح كتباً في مكتبة في دمشق، 2025 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يواجه المثقفون السوريون تحدي التمييز بين النظام القمعي السابق والإنتاج الثقافي الغني، مع التركيز على خلق بيئة ثقافية جديدة تتجاوز إرث الحزب الواحد وتفتح آفاقاً للإبداع.
- تتطلع الأوساط الثقافية إلى وزارة الثقافة لتوفير مناخ من الحرية، مع التركيز على تعديل قوانين النشر والرقابة ودعم المبدعين السوريين في الخارج.
- تواجه سوريا تحديات في الحفاظ على التراث الثقافي بسبب الدمار، مما يستدعي خططاً عاجلة وطويلة الأمد لاستعادة المواقع الأثرية بالتعاون مع البعثات الأجنبية.

"في هذه المرحلة الفاصلة في تاريخ سورية، لا بدَّ من التمييز بين النظام السياسي القمعي الإجرامي الذي حكم البلاد عقوداً، والإنتاج الفكري والأدبي الذي أبدعه كتّاب سوريون متميّزون خلال تلك الحقبة، وتركوا أثراً مهماً في الحياة الثقافية السورية والعربية، مثل حنا مينة، وسعد الله ونوس، وممدوح عدوان، وهاني الراهب، وزكريا تامر، وعلي الجندي، وعبد الله عبد، وغيرهم كثيرون"، يقول المدير العام للهيئة العامة السورية للكتاب، المترجم نايف الياسين، لـ "العربي الجديد"؛ وهو أمر ما كان ليصرّح به لو لم يسقط النظام السوري البائد، الذي أحدث شرخاً في الحياة الثقافية السورية، والتي يجمع المثقفون السوريون على ضرورة العمل فيها لفتح الآفاق في ما وراء أقبية السجون الحرفية والمجازية التي حبست الأصوات الحرّة إبان حكم الأسدين الأب والابن.

هذا الإجماع من المثقفين على ضرورة خلق بيئة ثقافية جديدة تبلور مع تشكيل الحكومة السورية الجديدة التي لا ينكر المثقّف السوري اليوم أنها أمام تحديات ثقافية عديدة للخروج من مناخ الارتهان لثقافة الحزب الواحد التي ورثتها البلاد عن نظام البعث.

انطلاقاً من هذه الحاجة لتنفّس هواء ثقافي جديد، وقفت "العربي الجديد" مع عدد من المثقفين السوريين لمعرفة آرائهم حول ما ينتظره السوريون من وزارة الثقافة. يقول الياسين: "الآمال كبيرة، رغم معرفتنا بصعوبة الأوضاع. ولعل أهمها توفير مناخ الحرية، والتركيز على ما يجمع ويوحِّد، لا على ما يفرّق، وأن تكون وزارة الثقافة موئلاً وسنداً لجميع المثقفين السوريين".

غير أن هناك تحدياً آخر وفقاً للياسين، كما يقول لـ"العربي الجديد"، وهو وجود مبدعين سوريين عديدين خارج بلدهم، بسبب معارضتهم النظام القمعي البائد، وهو أمر "حرمهم وحرمنا من نشر أعمالهم في سورية، وهناك أعمال لكتّاب كثيرين كانت وزارة الثقافة قد طبعتها سابقاً، لكن الهيئة مُنعت من توزيعها بسبب معارضة أصحابها لاحقاً للنظام".

,تعوّل الشاعرة لجينة نبهان على دور الشعراء والأدباء والمثقفين عموماً في هذه المرحلة، إذ تأمل أن يفسح للأدب مناخٌ مفتوح من حرية التعبير. تقول لـ "العربي الجديد" بأنه "ليس لنا إلا أن نأمل بإزاحة نير التابوهات (المسكوت عنها) التي رزح الواقع الثقافي السوري طويلاً تحتها زمنَ النظام الهارب، مع ضرورة تعديل قوانين النشر والرقابة على المطبوعات، وإعادة النظر في مسألة لجان القراءة، إن كان لا بد منها، بعيداً عن القبضة الأمنية والدينية، وإعادة النظر في شروط الانتساب إلى اتحاد الكتاب العرب، وعدم التحزّب لنوع شعري على حساب آخر، كما كان يحدُث بحسب مزاج اللجان التي تميلُ غالباً إلى الشعر الموزون".

ضرورة التمييز بين النظام القمعي البائد ونتاج المبدعين السوريين

وعن التطلعات المرجوة من الوزارة الجديدة للثقافة، يقول مدير منشورات الطفل في الهيئة العامة السورية للكتاب، قحطان بيرقدار: "لا بدّ من التركيز على تفعيل فكرة المشروع الوطني المتكامل لثقافة الطفل، والذي يجب أن تشترك فيه مؤسّسات الدولة المعنية كلها، وليس وزارة الثقافة فقط، بل وزارات التربية والصحة والشؤون الاجتماعية. فالنشر للأطفال له ضوابط عالمية التزمنا بها ومعايير تناسب مجتمعنا السوري، أهمّها الابتعاد عن متاهات الأيديولوجيات المختلفة والمتضاربة".

أما نظير عوض، المدير العام لـ"الهيئة العامة للآثار والمتاحف"، فقد بدأ حديثه لـ"العربي الجديد" بالإشارة إلى الكوارث التي تعرّضت لها الآثار السورية منذ عام 2011 حتى انتصار الثورة في 2024، بسبب العمليات العسكرية، مثلما حصل لتدمر وحلب، اللتين كانتا ساحتي حرب واقتتال وقصف جوي، وبالتالي أصابهما دمار هائل. كما أشار إلى كارثة الزلزال وتأثيراته الكارثية المتنوعة والكبيرة على مواقع الآثار الهشّة أصلاً بسبب الدمار السابق، ومنها مبانٍ أثرية نادرة في حلب، وقلعة المرقب في بانياس، وقلعة صلاح الدين في اللاذقية، والمدن القديمة في إدلب.

ضمن هذا الإطار، يوجه عوض ما يشبه نداء استغاثة، إذ يقول لـ"العربي الجديد": "المأمول اليوم بعد سقوط النظام أن تعمل المؤسسات المختصة على وضع خطط عاجلة وطويلة الأمد للحفاظ على التراث الثقافي السوري؛ لأن استعادة الآثار تحتاج وقتاً طويلاً، ولأن إهمال المواقع والتجاوزات التي تمس بها، ومخالفات البناء في مناطق تعدّ كنزاً تراثياً يخصّ البشرية تفاقم مع غياب السلطات الأثرية عن تلك المواقع". ويختم بتأكيد "ضرورة استقطاب البعثات الأثرية الأجنبية التي كانت تعمل على الأراضي السورية ما قبل 2010 للاستفادة من خبرتها في التنقيب وتدريب الكوادر الوطنية لترميم كثير مما تهدّم".

المساهمون