مايكل أرميتاج.. أفريقيا بين الواقع والمخيلة

مايكل أرميتاج.. أفريقيا بين الواقع والمخيلة

23 مايو 2021
(من المعرض)
+ الخط -

يستند الفنان الكيني مايكل أرميتاج في تجربته إلى ذكرياته في الشرق الأفريقي المشبعة بالأساطير وتاريخ طويل من مقاومة المستعمر ثقافياً، من خلال منظور جديد يضيء المتغيرات السياسية والاجتماعية حيث الفن بالنسية إليه أداة أساسية للتجسير بين رؤيته الحالمة لتراثه وبين تأثير الواقع عليه.

مع عودة الحياة إلى المتاحف والصالات الفنية في بريطانيا، افتتح أمس السبت في "الأكاديمية الملكية للفنون" بلندن معرضه "مرسوم الجنة" الذي يتواصل حتى التاسع عشر من سبتمبر/ أيلول المقبل، ويضمّ أعمالاً تستكشف موضوعات تتصل بالسياسة والتاريخ والاضطرابات التي تعيشها مناطق عديدة في القارة السمراء والجنسانية.

تنعكس مقاربة أرميتاج إلى التقاليد والموروثات الشعبية في أفريقيا على تقنياته المستخدمة كما في اخيتاره لموضوعات لوحته، حيث يستعمل عادة قماشا مصنوعاً من لحاء شجرة اللبخ التي تنتشر في أوغندا وكينيا، وتتعدّد استعمالات أجزائها حيث كانت تنسج منه أكفان دفن الموتى إلى جانب استخراج مواد منها للتداوي.

يقوم الفنان بتجفيف اللحاء ثم شدّه وطلائه بالألوان الزيتية من أجل سهولة التعامل مع سطحه الذي يكون مليئاً بالثقوب، وهو يحاول أن يستعيد رمزية هذه الشجرة التي تحوّلت منتجاتها في الفترة الأخيرة إلى سلع تجارية من بسِط وسلال ومناديل تباع للسياح أثناء زيارتهم لأسواق شرق أفريقيا.

أرميتاج الذي تخرّج من "مدرسة سليد للفنون الجميلة" في لندن عام 2007، وحاز ايضاً درجة الدبلوم من مدارس الأكاديمية الملكية سنة 2010، يستحضر مناظر الغابات وكذلك عوالم المدينة في أفريقيا بأسلوب سوريالي، ضمن محاولاته لإظهار ذلك المزيج من الغامض من التصوّرات حول الجنة في المناطق الاستوائية بجماليات أشجارها وأنهارها والنباتات التي تعيش فيها، ومن الغرائبية والقسوة نتيجة الارتفاع الهائل في درجات الحرارة والرعب الذي تولّده بعض الحيوانات ومنها التماسيح المختبئة في البرك الهادئة.

يركّز الفنان على الغنى اللوني في الطبيعة التي يرسمها حيث تظهر تماوجات الأزرق والوردي والأرجواني والرمادي والأخضر، التي تشكّل عوالم فانتازية يختلط فيها الواقع بالمتخيّل في إشارة ساخرة للعقلية التي تحكم الأوروبي في نظرته إلى هذه الأماكن منذ اكتشافه لها قبل قرون.

تتكرّر هذه المشاهدات الساخرة في لوحات المعرض فالقرد يرتدي البكيني، وهناك رجل مفتول العضلات فوق إحدى الشجرات والذي يمثل تلك النظرة إلى الجسم الرياضي الذي يمتلكه الأفارقة، أو النساء باعتبارهن غير بشريات أو ينتمين إلى جنس آخر.
 

المساهمون