كوابيس اللاجئ

كوابيس اللاجئ

13 فبراير 2021
(عمل لـ أنطونيو تابيس)
+ الخط -

اللاجئ يتكوبس، وتعود إليه حياة ماضية:

تلك الأيام التي كانت فيها جميع غرف الطعام الخيرية، حالها كحال الحانات، مغلقة:

لم تكن هناك علب كرتون أيضًا، ولا شيء يعدل في الأهمية العثور على واحدة جديدة ونظيفة. غالبًا لأن الرطوبة "مميتة للعظام"، واستخدام الكرتونة المبلولة يجعلها على الفور "غير مجدية".

ـ أي طائر تريد أن تكون؟
ـ هيلوكبتر.
ـ لمَ؟
ـ لأن عينها تكون هي "العليا".

وبعينك السفلى، تصبح ثقيلاً وأنت تتجول في جميع أنحاء المدينة، طوال النهار بحثًا عن الحياة، حتى تجد قسطًا من الراحة على الورق المقوّى:

لقد كنت أتدهور هذه الأشهر في الشارع. لقد استاء جسدي من عدم النوم والأكل بشكل سيئ.

وبعد سنة من التجربة، تفقد القوة والقلب وكل شيء. تمسي أمنية حياتك، مع دخول المساء، أن تحصل على كرتونة جافة للنوم، لأن الرطوبة تميت العظام.

ـ أي طائر تريد أن تكون؟
ـ الشحرور. 
ـ لمَ؟
ـ أصدح بأشجاني، في حيّ الغوتيكو.

وعادة ما يكون نشاطك الأساسي خلال النهار هو "المشي والمشي والمشي". 
أما في الليل، الموبوء بأنفاس البيرة، وضجيج الزملاء، فمستلقيًا، وداخل كيس، تنام. 

ـ أي طائر تريد أن تكون؟
ـ طائر الخنزير.
ـ لمَ؟
ـ لكي أُثني على الكسل، وأمتدح الاسترخاء، تحت شرفة ساحة فيسينس مارتوريل، بالرافال.

هناك، قبل أن تغلق عينيك وتحاول الراحة، غافلاً عن صخب وضجيج مجموعة الزملاء من حولك، تحمد الرب، أنه نهار آخر، قد مضى بلا إصابات.

ويحدث أحياناً عندما تنام، أن تتذكر أنك بلغت اليوم سن الستين، وأنك في العقد الماضي، كنت تنام، والله، في نزل متواضع لكنه دافئ، بمنطقة الريبيرا، عندما يتوفر المال.

فإذا لم يكن الأمر كذلك، كما هو الحال الآن، ففي الشارع بمنطقة الرافال.

ـ أي طائر تريد أن تكون؟
ـ الدوري.
ـ لمَ؟
ـ لأنه نشيط ومنتبه وحذر.

وفي الشارع، تتعلم هذه الحكمة: المحظوظ من عنده كنز من الورق المقوى. والمحظوظ أكثر، من لا يُبتلى بزملاء عنيفين، يودون سرقتك، وعندما لا يجدون لديك شيئاً عليه القيمة، قد يشطبونك بسكين.

ـ أي طائر تريد أن تكون؟
ـ أبو قردان؟
ـ لمَ؟
ـ لأن رقبته معقوفة للخلف، مما يمكن من تبيّن الماضي. 
ـ أي طائر؟
ـ البطريق.

فلقد أدى الوباء، بسبب انخفاض النشاط التجاري، إلى زيادة قيمة الورق المقوى بالنسبة لأولئك الذين ينامون في الشارع. فصندوق من الكرتون المحترم، يُنجيك من سحق الطقس.

ـ أي طائر تريد أن تكون، مرة أخرى؟
ـ النسر.
ـ لمَ؟
ـ لأنه ينظر من عل، ويسأم من حال جميع الفانين.

ولقد سئمت من أخذ كل شيء في زجاجة. من حمل بطانية في كل مكان – كونها الشيء الوحيد الذي له قيمة.

ـ أي طائر تريد أن تكون؟
ـ  طائر الحسّون المُحشش.

وآمل أن تتحسن حياتي في غضون أيام قليلة، بالحصول على مرتبة أفضل. فهم يقومون بإخراج المراتب القديمة إلى الشوارع يوم الاثنين.

ـ أي طائر تريد أن؟
ـ المكّاء.
ـ أي طائر تريد؟
ـ البجعة. 
ـ وأي أمنية؟

قبل أن أموت لدي أمنية واحدة: أن يتعرض المصرفيون للانقراض. لقد تأخر هؤلاء الديناصورات عن الموعد.
ـ لماذا لم يعد هناك أوصاف في الروايات؟

ـ لأن الروائيين ما عادوا، كما السابقين، أتقياء، وينحصر ولاؤهم فقط بالحاضر الموضوعي، وللحاضر نفسه.
ـ أي طائر، كي نختم؟
ـ طائر الجَمل. فالجِمال عادة لا تتعلّم لغات الآخرين، ولا تنغمس فيها، فهي تعتبرها: رغو.


* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا

نصوص
التحديثات الحية

المساهمون