"كتاب الرأسمالية الأسود" لروبرت كورتس... واقع بلا حقائق

04 يونيو 2025   |  آخر تحديث: 15:27 (توقيت القدس)
يؤرخ الكتاب للثورات الصناعية الثلاث التي قادت إلى تعمّق أزمات اجتماعية واقتصادية
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يسلط كتاب "كتاب الرأسمالية الأسود" لروبرت كورتس الضوء على التحولات الجذرية في النظام الرأسمالي، مشيراً إلى أن الرأسمالية تحولت من نمط إنتاج إلى نمط تداول، مما أدى إلى أزمات اجتماعية واقتصادية عالمية.
- يناقش كورتس في كتابه تأثير الثورات الصناعية على تدهور مستوى المعيشة وارتفاع البطالة، معتبراً أن الرأسمالية تبتلع الحقائق الموضوعية وتضلل البشر.
- يبرز الكتاب تاريخ الرأسمالية وجرائمها، مثل استغلال الشعوب وإبادة الثقافات، ويشير إلى تناقض الدول الرأسمالية بين رفع شعارات الديمقراطية وحقوق الإنسان واستغلال الثروات.

تستحوذ سيرة الكاتب الألماني روبرت كورتس (1943 – 2012) على اهتمام واسع كما تنظيراته التي استندت إلى رؤية نقدية جذرية، تجاه اليسار الذي انتمى إليه شاباً، وكذلك التنشئة الاجتماعية والقيم في ظلّ النظام الرأسمالي لما شهده من تغيرات طاولت بنيته مع تراجع تبادل السلع بوساطة المال، ومعه العمل المأجور أيضاً.

في مؤلَّفه "كتاب الرأسمالية الأسود... وداعاً لاقتصاد السوق، كيف تثرى في اقتصاد السوق"، الذي صدرت نسخته العربية حديثاً "المشروع الوطني للترجمة" في وزارة الثقافة السورية بترجمة مازن المغربي، يؤرخ للثورات الصناعية الثلاث التي قادت إلى تعمّق الأزمات الاجتماعية والاقتصادية حول العالم، مع تسليع كل شيء بحيث انقلب أساس الرأسمالية من نمط إنتاج إلى نمط تداول على نحو أساسي.

كورتس الذي شارك في ثورة الطلاب عام 1968، وانخرط في سجالات اليسار الجديد منذ السبعينيات، يشير في مقابلة أجرتها معه مجلة IHU الإلكترونية في البرازيل سنة 2006، إلى أن مصطلح "اقتصاد السوق" يضلّل الناس، موضحاً أن ماركس نبه إلى أن اختزال العالم الحديث في تداول السلع يُشكّل جوهر الأيديولوجية الرأسمالية، ويتم إخضاع البشر لهذه المنظومة بشكل عنيف.

يرى المؤلف أن الروح الليبرالية تحوّل العالم المعيش إلى واقع لا يمكن تمييزه

بموازاة ذلك، يقول في تقديم كتابه إن "الروح الاقتصادية الليبرالية تبيع التاريخ، كما لو كان ملابس داخلية، وقاذفات مقاتلة، ودمى جاهزة وغيرها من أشياء السوق، وتحوّل العالم المعيش إلى واقع لا يمكن تمييزه. ومع طمس التاريخ، ابتلعت الرأسمالية كلّ حقيقة موضوعية بحسب كورتس الذي يبيّن أن هذا يقود إلى أن يجافي إنسان السوق المنطق، بحيث يحتاج إلى خبير أو إحصائيات ومؤشرات ليحكم على أي قضية مسلّماً بالمطلق بقوانين اقتصاد السوق.

تأتي هذه الطروحات من خلال سرد تاريخي للثورة الصناعية الأولى التي استبدلت القوة العضلية للبشر بالآلة، بينما أدت الثورة الثانية إلى عقلنة العمل البشري وزيادة الإنتاجية، لتجعل أتمتة التكنولوجيا الجهد البشري أمراً غير ضروري، وهي متغيرات أنتجت تدهوراً في مستوى المعيشة وارتفاعاً لمعدلات البطالة.

تلفت كلمة الغلاف إلى أن "الكتاب يتحدث عن تاريخ الرأسمالية وأصولها وكيفية انهيارها، ويتناول أزمات النظام الرأسمالي وتاريخ الثورات الصناعية الكبرى، والعواقب الاجتماعية للرأسمالية. كما يركّز الكتاب على فظائع الرأسمالية على مدى القرون الخمسة الماضية من جرائم الرق، وإبادة الشعوب، واستنزاف الثروات والموارد حول العالم وحرمان أصحابها منها. ويدّعي المؤلف أن أوروبا، التي هي مهد الرأسمالية، بنت ثروتها من استغلال الشعوب وإبادتهم وفرض سياسات التقشف عليهم. وعلى الرغم من أن الدول الرأسمالية ترفع راية الديمقراطية وحقوق الإنسان، فإنها لا تتوانى في تعبيد الطريق أمام البحث عن الثروات واستعمال آلة الحرب لنهبها".

يُذكر أن روبرت كورتس أصدر مجموعة كتب منها: "انهيار التحديث: من انهيار اشتراكية الثكنات إلى أزمة الاقتصاد العالمي" (1991)، و"آخر من يطفئ النور: حول أزمة الديمقراطية واقتصاد السوق" (1993)، و"حرب النظام العالمي: نهاية السيادة وتغيرات الإمبريالية في عصر العولمة" (2003)، و"رأس المال العالمي: العولمة والحواجز الداخلية لنظام إنتاج السلع الحديث" (2005).