كاتب من العالم: مع كمال فارول

كاتب من العالم: مع كمال فارول

30 يناير 2021
(كمال فارول)
+ الخط -

تقف هذه الزاوية مع كاتب من العالم في أسئلة سريعة حول انشغالاته الإبداعية وجديد إنتاجه وبعض ما يودّ مشاطرته مع قرّائه. "لا تستطيع تغيير العالم وأنت تكتب، ولكن من الممكن أن تُشعر أشخاصاً في مكان ما بأنهم ليسوا وحدهم في هذا الطريق"، يقول الكاتب التركي.


■ كيف تُقدّم المشهد الأدبي والثقافي في بلدك لقارئ لا يعرفه؟

- المشهد الأدبي في تركيا غنيٌّ وقديم. هناك كتّاب معاصرون جيّدون، وتتمّ ترجمتهم الآن شيئاً فشيئاً إلى لغات مختلفة. وبلا شك، فإن الأدب المعاصر يعتمد على تاريخ الأدب التركي الطويل، بشكل أو بآخر. وإلى جانب ذلك، هناك أيضاً تأثير للتنوّع الثقافي في هذه الجغرافية متعدّدة الثقافات واللغات على الأدب الحديث. لقد أخذ الأدب التركي الذي تكوَّن بين آسيا وأوروبا من الأدب الشرقي والأدب الغربي، ومزَجهما معاً وأخرج منهما أدباً خاصّاً له تقاليده.


■ كيف تُقدّم عملك لقارئ جديد، وبأي كتاب لك تنصحه أن يبدأ؟

- أظنّ أنّني عُرفتُ في تركيا مؤخّراً بأنني أكتب الروايات حول مشكلات الماضي القريب. إنّني أحاول فهم البشر، بدلاً من تناول المشكلات السياسية. وأوصي القُرّاء برواية "عيد العُشاق". أتناول فيها حكاية شاعر شعبي جوّال، لم يلتق بابنه منذ سنوات، وتدور أحداثها كلّها في طريق خلال ثلاثة أيام فقط. وإلى جانب ذلك، هي قصّة أب وابن عالقين بين الماضي والمستقبل.


■ ما السؤال الذي يشغلك هذه الأيام؟

- مثل الجميع الآن، أفكّر في العواقب المدمّرة للوباء، خاصّةً على البلدان الفقيرة. إنّني مهموم بالأيام البائسة التي يعيشها فقراء العالم، وأخشى أن يعيشوا أياماً أسوأ منها.

أحاول فهم البشر بدلاً من تناول المشكلات السياسية

■ ما أكثر ما تحبّه في الثقافة التي تنتمي إليها وما هو أكثر ما تتمنى تغييره فيها؟

- أُحبّ مفهوم الوفاء في ثقافتنا. قد يُهزم هذا المفهوم أحياناً أو يتراجع، لكنني سعيد بالحيّز الذي يشغله هذا المفهوم في ثقافتنا بشكل عام. وأكثر ما أتمنّى تغييره في ثقافتنا، أن يكون لدينا شغف أكبر بالتعرّف على ثقافات العالم بشكل أكبر، لأنّ أكبر فقر في العالم هو الجهل بثقافتك وثقافة من حولك.


■ لو قُيّض لك البدء من جديد، أي مسار كنت ستختار؟

- أتصوّر نفس المسار. كنت سأسير في نفس طريق الأدب الشاق والساحر، الذي أعطاني الفرصة للاطلاع على الثقافات المختلفة، وأن أُقرأ أيضاً في هذه الثقافات وأنا ابن قرية صغيرة. كنت سأسير في نفس المسارات بنفس الحماس، ولكن بانتباهٍ أكثر ممّا كنتُ عليه.


■ ما هو التغيير الذي تنتظره أو تريده في العالم؟

- اللامساواة. كنت أعلم أنَّ اللامساواة لن تنتهي دفعة واحدة بين الطبقات الاجتماعية المختلفة، لكنني أدركت ذلك تماماً في زمن كورونا، حيث ظهرت بوضوح هذه الفروق. يجب أن نضع هذه المسألة على رأس مشكلات العالم الآن.

الصورة
عيد العشاق لكمال فارول - القسم الثقافي
رواية "عيد العشاق"

■ شخصية من الماضي تودّ لقاءها، ولماذا هي بالذات؟ 

- غابرييل غارسيا ماركيز، لأنني أريد أن أعرف كيف كتب حكايات جدّتي الساحرة التي كانت تحكيها لي في كثير من الليالي، وهو في الجانب الآخر من العالَم ولا يعرف جدّتي. وكيف جاء إلى قرية طفولتي.   


■ ما هو، في اعتقادك، أكبر خطر على حرية الكاتب والكتابة في العالم اليوم؟

- الخطر الأكبر على حرية أي كاتب هي الرقابة أو الرقابة الذاتية الزائدة عن الحدّ. لا أعرف طريقاً للقضاء على مستقبل كاتب أو مجتمع أقصر من طريق الرقابة.


■ ما هي قضيّتك وهل يمكن أن تكون الكتابة قضية بذاتها؟

- أثناء كتابتي تكون غايتي أن أُسمِع الناس الآلام والتجارب السيئة التي مررنا بها في الماضي، ولكن أثناء ذلك لا أتنازل عن المعايير الأدبية.

ويمكن للكتابة أن تكون قضيةً بذاتها. إنّك لا تستطيع تغيير العالم وأنت تكتب، ولكن من الممكن أن تُشعر أشخاصاً طيّبين في مكان ما من العالم بأنهم ليسوا وحدهم في هذا الطريق. ومن الممكن أن تعطيهم الأمل في المستقبل، لأنَّ الكتابة ليست لليوم، ولكن للأمل في الغد.

مِن دون العرب، سيكون العالم أقلّ شاعرية وبلا حكاية

■ الأدب العالمي يكتبه المترجمون، إلى أي درجة توافق على هذه المقولة وإلى أي درجة كتبك المترجمون؟

- العالم مكان أجمل بفضل المترجمين، لأنهم يُعرّفوننا على الكُتّاب الجيّدين والأفكار المختلفة والقضايا الإنسانية في العالم. أعرف مترجمين من لغات أُخرى، ومن كثرة إتقانهم لعملهم أتمنّى أن أكتب بلغة من اللغات التي يترجمون منها وإليها حتى يترجموا بعض أعمالي. لقد نُشرت كتبي حتى الآن في الولايات المتّحدة وفرنسا وستُنشر قريباً في إنكلترا، وأظنّ أن المترجمين قد فعلوا ذلك حتى الآن بشكل جيّد.


■ كيف تصف علاقتك مع اللغة التي تكتب فيها؟

- على الرغم من أنّني تعلّمت التركية فيما بعد، إلّا أنها لغة أحلامي، ولم تجعلني أشعر بغربة على الإطلاق.


■ كاتب منسي من لغتك تودّ أن يقرأه العالم؟ 

- لن أتحدّث عن كاتب منسي، ولكن يكفيني أن أقول إنّني أود أن يُقرأ إحسان أوكتاي أنار في لغات عديدة مثل أورهان باموق.

الصورة
رواية لكمال فارول - القسم الثقافي
المجموعة القصصية "حكايات حقيقية"

■ لو بقي إنتاجك بعد ألف سنة، كيف تحب أن تكون صورتك عند قرّائك؟

- أود أن تكون صورتي عندهم بأنني القلم الذي وقف بجوار المضطهدين والنساء والأطفال وضحايا الحرب، وحاول جاهداً ألّا ينسى الناس آلامهم.


■ كلمة صغيرة شخصية لقارئ عربي يقرأ أعمالك اليوم؟

- إن الأدب العربي، حسب ما نعلم، هو الأدب الأكثر ارتباطاً بتقاليده العريقة، وهو الأدب الذي أثّر على ثقافات العالم بأكمله، بما في ذلك الثقافة التركية. مِن دون العرب، سيكون العالم أقلّ شاعرية وبلا حكاية. أتمنّى أن نتعرّف على الشعراء والكُتّاب العرب المعاصرين بشكل أفضل.


بطاقة

Kemal Varol شاعرٌ وروائي تركي من أصل كرديّ، وُلد في ديار بكر عام 1977. بدأ حياته الأدبية بكتابة الشعر، وأصدر ثلاث مجموعات: "خواتم الحِداد" (2001)، و"ديوان الضغينة" (2005)، و"الثامن عشر من تموز" (2007). ثم اتّجه إلى الرواية، وصدر له العديد من الروايات، من أبرزها: "سم" (2011)، و"هَاو" (2014)، و"موت في الحواف" (2016)، و"عيد العشاق" (2019)، و"الضباب الأسود" (2021)، إلى مجموعة قصصية بعنوان "حكايات حقيقية" (2017). حصل على العديد من الجوائز التركية في الرواية، مثل "جائزة جودت قدرت" عن رواية "هاو"، و"جائزة سعيد فائق القصصية" عن مجموعة "حكايات حقيقية"، و"جائزة أتيلا إلهان"، و"جائزة أفضل كتاب لعام 2019" عن رواية "عيد العشاق".

وقفات
التحديثات الحية

المساهمون