"فوضى".. مسرحية عن علاقات زوجية مُشاعة

03 ابريل 2025   |  آخر تحديث: 24 أبريل 2025 - 13:04 (توقيت القدس)
من العرض
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- مسرحية "فوضى" ليست مجرد معالجة درامية للعلاقات الزوجية، بل هي تفكيك لخطاب اجتماعي يسلط الضوء على التحولات داخل المجتمع، حيث تتآكل المعاني وتضطرب الأدوار، وتصبح الحميمية مشاعاً.

- تتألف المسرحية من أربع شخصيات، حيث يعيش كل زوجين قصتهما الخاصة في فضاء مشترك، معتمدين على الإضاءة وحركة الممثلين لإيهام التباعد، مما يعكس عالمًا تحت المراقبة الدائمة.

- العمل المسرحي، من تأليف أحمد السيباع وإخراج مريم الزعيمي، يطرح تساؤلات حول الخلل في العلاقات الزوجية، دون تقديم إجابات مباشرة، معتمدًا على المفارقة والاختزال في رؤيته البصرية.

ليست مسرحية "فوضى"؛ التي عرضت مؤخراً على خشبة "مسرح محمد الخامس" بالرباط، معالجة درامية للعلاقات بين الأزواج فحسب، بل هي تفكيكٌ لخطاب اجتماعي قائم، يسلط الضوء على التحوّل الذي يعرفه المجتمع داخل نواته الصغيرة، إضافة إلى طرح أسئلة في واقع تتآكل فيه المعاني وتضطرب فيه الأدوار، وتصبح فيه الحميمية مشاعاً تتقاسمها الألسن قبل العيون.

تتألف المسرحية التي عرضت، في إطار الاحتفالية باليوم العالمي للمسرح، التي نظمتها وزارة الشباب والثقافة والتواصل، من أربع شخصيات لا غير. زوجان في كل جهة من الركح، يفترض أنهما لا يلتقيان في الواقع، لكنّهما يشغلان الفضاء ذاته. لا حواجز تفصل بين العالمين، إنه فقط اللعب الذكي على الإضاءة، وحركة الممثلين هو ما يمنح المشهد خصوصيته، ويُوهم بالتباعد. كل زوجين يعيشان قصّتهما الخاصة، لكن الخطوط تتقاطع عبر عشرات الهواتف المتدليّة من السقف، والتي رُبطت بخيوط شفافة، في إحالة على عالم يعيش تحت المراقبة الدائمة والنميمة، حيث لا شيء يقال دون أن يُشاع، ولا خصوصية تعاش دون أن تخترق. هكذا تتحول الخشبة إلى فضاء سماوي معلّق بهذه الأجهزة التي تلتقطها الأيادي وتثرثر فيها الألسن.

الزوج الأول؛ أستاذ الأدب المقارن، يحاول أن يفهم تجربته المشحونة بالتوتر مع زوجة متطلبة لا ترى في علاقتهما سوى واجهة اجتماعية ومظاهر مادية، تلتهم كل ما يلمع دون أن تشبع. لكن لا يسعف الرجل عقله ولا ثقله الأكاديمي الرصين في إيجاد حلٍ لتلك المعضلة. أمّا الزوج الثاني، العاطل عن العمل والعابث، فيريد أن يفرض سلطته على زوجته (أخت الزوجة الأولى) من موقع هش لا يتحمل أية مسؤولية حقيقية.

هل الخلل في الأشخاص، أم في المنظومة الاجتماعية التي تغيّر الأدوار؟

المفارقة أنَّ كل طرف يعيش على حدة وفق شروط مغايرة، لكنهما يصلان إلى النتيجة ذاتها: فشل العلاقة وانهيار مشروع الزواج. هذا التماثل في المصير، رغم اختلاف المسارات، يضع المتلقي أمام سؤال بنيوي: هل الخلل في الأشخاص، أم في المنظومة الجديدة التي عملت على تغيير الأدوار؟

لا يقدّم العمل المسرحي، من تأليف أحمد السيباع ودراماتورجيا وإخراج مريم الزعيمي، إجابات مباشرة، لكنه يكشف عن بنية الاضطراب. فما أن يبدأ الخط البياني للعلاقتين في التصاعد حتى تتشابكا على نحو غير مباشر وتصلا إلى ذروتهما، إذ تتحوّل الحالتان المنفصلتان إلى بنية واحدة، تظهر أن المشكلة ليست في طبائع الأفراد وميولهم المدمرة التي أرادوا تجاوزها في آخر الأمر، بل إن لكل مشروع زوجي نسيجاً مجتمعياً ينتج عنه هذا الخلل المتكرر في التفاهم، والثقة، وتقاسم الأدوار.

رؤية المخرج البصرية في العرض واضحة وقائمة على المفارقة والاختزال، فهي لم تُقدّم الواقع كما هو، بل سلّطت عليه ضوءاً يُبدي تشوهاته كما النظر في مرآة محدبة. وعلى الرغم من ثقل الموضوع الذي جرت معالجته في العمل المسرحي، فإن العرض لم يخلُ من لحظات كوميدية ساخرة وسوداء أحياناً.

المساهمون