استمع إلى الملخص
- ينتقد موتين ماضي أوروبا الاستعماري ويشير إلى الحدود المصطنعة بين أفريقيا وأوروبا، داعياً إلى إعادة التفكير في العلاقات الثقافية والجغرافية، مستشهداً بموسيقى الفلامنكو كدليل على تعقيد الواقع وتعدد أصوله.
- يدعو موتين إلى تغيير العلاقة مع الهجرات عبر البحر المتوسط وتحدي الفكر الذي يعتبر الشمال مركزاً، مشيراً إلى تناقض أفكاره مع الرأسمالية ودفاعه عن الأقليات.
يمكن اعتبار حضور المنظّر والشاعر الأميركي من أصل أفريقي، فْريد موتين (1962)، في أوروبا أمراً نادراً واستثنائياً لمن يعرف أعماله، لا سيما تلك التي يتناول فيها نظرياته حول التقليد الأسود في الفكر الاجتماعي والسياسي المُعاصر والفنّ والنقد الجماعي.
في محاضَرته، التي ألقاها الثلاثاء الماضي في "المركز الأندلسي للفنّ المُعاصر" بمدينة إشبيلية بإسبانيا، تحت عنوان "خطّة للهرب"، اقترح موتين رؤية جديدة للعالم يقلب من خلالها المفاهيم رأساً على عقب. تقوم هذه الرؤية، تبعاً له، على أساس "عضّ اليد التي أتت به إلى مدينة إشبيلية، أي إلى أوروبا"، منتقداً بذلك المؤسّسات الثقافية الغربية، من خلال مقاربة المسار التاريخي للسواد العالمي، ومحدّداً الجنوب كمركز للأفكار والتأمّلات النقدية ومكان للمقاومة والإبداع والتغيير في سياق عالمي تركّزت فيه الإنتاجات الثقافية والفلسفية العليا تقليدياً في الشمال.
يرمي الناقد الأميركي السهام على ماضي أوروبا الاستعماري، وعلى "ميل إسبانيا إلى إنشاء حدود مع الجنوب، انطلاقاً من الحدود الداخلية التي أقامتها أوّلاً مع الأندلس من ناحية الهوية الوطنية، ثمّ مع الجنوب العالمي". بالنسبة إليه، في إسبانيا على نحو خاصّ، "جرت تغذية شعور أنّ البحر الأبيض المتوسّط يعمل كحدود طبيعية بين أفريقيا وأوروبا"، ويتساءل: لماذا لا تقوم جبال الألب أو أيّ مكان آخر في العالم برفع تلك الحدود؟
الجواب الذي يقدّمه موتين هو أنّ "إسبانيا حاولت، على مرّ تاريخها، تجنّب الأفريقية، أِي تلك العلاقة مع السود، على الرغم من كونها أقرب إلى الجنوب منها إلى الشمال. هكذا وضعت نفسها حدّا، وكذلك الأمر بالنسبة إلى بلدان الشمال؛ حيث يعتقدون أنّهم المركز". لكن، في واقع الحال، لا حدود بين السياسة والجغرافيا والموسيقى والفنون، لذلك يجب ألّا تكون هناك حدود في العلاقات أيضاً. يأخذ مثالاً على ذلك موسيقى الفلامنكو، التي تُبرز أحدث الدراسات بأنّ لها جذوراً سوداء. يقول: "صار مسلَّماً أنّ للفلامنكو أصولاً متعدّدة، وهذا يمكن أن يساعدنا في بناء خيال جديد، حيث لا توجد حدود مغلقة، وحيث الواقع أكثر تعقيداً واضطراباً".
يدعو إلى تغيير العلاقة مع الهجرات القادمة عبر البحر المتوسّط
انطلاقاً من هذه الفكرة، يدعو المنظّر الأميركي إلى تغيير العلاقة مع الهجرات القادمة عبر البحر الأبيض المتوسّط، ومع تلك الأنواع من الأفكار التي يجري إنشاؤها اليوم حول هذه الأفكار وحول الحدود، وبالتالي تحدّي البوصلة الفكرية التي تحاول أن تشير دائماً إلى الشمال بوصفه مركزا.
يُذكر أنّ فريد موتين من مواليد لاس فيغاس - رمز الرأسمالية الأكثر شراهة - من عائلة تنحدر من المهاجرين من جنوب الولايات المتّحدة. كُتبه وأفكاره النقدية تتناقض بشكل واضح مع الرأسمالية والفكر الليبرالي. عُرف بدفاعه عن الأقلّيات والسكّان الأصليّين، كما واجه وانتقد ما عبّرت عنه بلاده في صناديق الاقتراع في الخامس من تشرين الثاني/ نوفمبر الفائت: فوز دونالد ترامب في الانتخابات الرئاسية. من دراساته الأكاديمية: "أسود ومشوّش" (2017)، و"حياة مسروقة" (2018). له تسعة كتب شعرية؛ من بينها: "الحواف الصغيرة" (2015).