غسان عبد الخالق.. ما نسيتُه في عمّان

غسان عبد الخالق.. ما نسيتُه في عمّان

17 يونيو 2021
(عمّان في الثمانينيات، Getty)
+ الخط -

يعيد الناقد والأكاديمي غسان عبد الخالق (1962) في كتابه "بعض ما نسيته"، الذي صدر حديثاً عن "الدار الأهلية للنشر والتوزيع" ترتيب وقائع عشر سنوات امتدّت منذ منتصف الثمانينيات وحتى منتصف التسعينيات، وتقاطعت خلالها آلام وانكسارات وأحلام شخصية مع متغيرات عديدة عاشها المشهد الثقافي الأردني عكست تحوّلات أكبر عاشتها تلك المرحلة.

يستكمل المؤلّف جزءاً أول من سيرته الذاتية صدر بعنوان "بعض ما أذكره" (2016) وثّق فيه ذاكرة طفولته الأولى في مدينة الزرقاء، وفصول دراسته في "جامعة اليرموك" بمدينة إربد، وانتمائه الحزبي في إطار حراك سياسي حمل آمالاً عريضة في التغيير، ووعيه المبكّر بالكتابة والثقافة، والتي تحدّث عنها في مفتتح هذا الكتاب تحت عنوان "يقول الراوي"، مدوناً: "وما زلت أخاطب نفسي قائلاً: لو أنني أضفت إليه كذا لكان أحسن ولو أنني حذفت منه كذا لكان أحسن! ولكن؛ هيهات، فما كان لي وحدي، صار الآن لكّل الناس! ومن حسن حظي أنهم تقبّلوه وتفهموه، بل زاودوا على ذلك بمطالبتهم لي أن أكمل ما بدأته..".

يوثّق الكتاب رسائل يحتفظ بها المؤلّف من كتاب منهم همي جدعان ونبيل سليمان وأحمد الزعبي

ويوضّح: "كما لاحظ كثير من قراء ّونقاد الجزء الأول من سيرتي الذاتية، فإن البوح الذاتي لم يكن دافعي الوحيد، بل إن دافع توثيق الذاكرة الثقافية والسياسية الجمعية، لم يقل مثولاً عن سابقه، انطلاقاً من قناعتي الراسخة بأن المثقف الحقيقي ليس إلا ّمحصلة التفاعل الجدلي والعميق والخلاق بين الذات والموضوع".

يستذكر عبد الخالق اعتقاله وزوجته نبيلة أواخر عام 1986، وخروجهما من السجن بعد تعهّده بعدم العودة إلى العمل السياسي، لكن ذلك كلّفه فصله من صحيفة "الدستور" وفصل زوجته من "كلية المجتمع العربي"، ليبدأ رحلة البحث الشاق عن عملٍ ومنزل جديد بعد أن خُتم بيته الذي سكنه في منطقة صويلح بالشمع الأحمر، ويدفعه الحال إلى إيمانه بجدوى الكتابة حيث استعاد رواية ماركيز بمقال نشره حينها بعنوان "مئة عام من العزلة.. بين تمرّد النص وسلطة النقد".

الصورة
غلاف الكتاب

سيتعرف بعدها، بحسب الكتاب، إلى الروائي إلياس فركوح (1948 – 2020) وشريكه الشاعر طاهر رياض (1956) في "دار منارات"، حيث كتب مجموعة من المقالات النقدية حول إصدارات الدار لقيت كثيراً من الاستحسان لدى القراء، وكثيراً من الاحترام لدى فركوح وسائر أعضاء جماعة "منارات" (مؤنس الرزاز، ويوسف عبد العزيز، وعمر شبانة، وزهير توفيق، وطاهر رياض، وفخري صالح).

يشير عبد الخالق إلى أن محاولاته للبحث عن عمل أثمرت عثوره على وظيفة محرّر براتب رمزي في "دار الكرمل" التي أسّسها الروائي خليل السواحري (1940 – 2006)، حيث التقى فيها عدداً من الكتّاب، مواصلاً توثيق جانب من حياته الأسرية وصلاته بالمثقفين الذين تبادل مع كثير منهم رسائل يوثّقها الكتاب ومنهم فهمي جدعان ونبيل سليمان وليلى شرف وأحمد الزعبي وغازي الذيبة ومحمد هديب.

يمرّ المؤلّف على محطّات عدّة منها التحاقه بالخدمة العسكرية في أيلول/ سبتمبر عام 1990، والتي تزامنت مع حرب الخليج الثانية، وإطلاق الصواريخ العراقية على الاحتلال الإسرائيلي، ثم نشر مجموعته القصصية الأولى بعنوان "نقوش البياض" عام 1992، وتأسيس "غاليري الفينيق" الذي نافس "رابطة الكتّاب الأردنيين" منتصف التسعينيات، والإعلان عن "جماعة أجراس الشعري" عام 1992 التي ضمّت محمد عبيد الله وباسل رفايعة وعلي ومحمد العامري وغازي الذيبة، وانتقال العديد من الكتّاب للعمل في بلدان الخليج في تلك الفترة، وعمله مدرساً في "مدرسة الرائد العربي"، ثم التحاقه للعمل محاضراً غير متفرغ في "جامعة فيلادلفيا" التي كانت قد أنَشئت حديثاً.

يُذكر أن غسان عبد الخالق يحمل درجة الدكتوراه في اللغة العربية وآدابها من "الجامعة الأردنية"، وأصدر العديد من المؤلّفات منها "الأخلاق في النقد العربي، مفهوم الأدب في الخطاب الخلدوني"، و"الذات والموضوع في السيرة الذاتية"، و"الغاية والأسلوب في السرد"، و"الزمان والمكان والنص في الرواية"، و"المتن والهامش في الفكر"، و"السور والعصفور في وصف الصين"، و"معجم القلوب في رحلة وسيرة ياقوت الحموي".
 

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون