غادة جمال: في الانتماء إلى التضاريس

غادة جمال: في الانتماء إلى التضاريس

01 مارس 2022
مقطع من "انتماء 10"، أكريليك على قماش، 50 × 60 سم، 2021 (من المعرض)
+ الخط -

خلال تجربتها التي بدأتها في ثمانينيات القرن الماضي، لم تتوقّف التشكيلية اللبنانية غادة جمال (1955) عن التنقُّل بين فضاءات مختلفة من العمل الفنّي، حيث توزّعت انشغالاتها ــ على مستوى الرؤية ــ بين التجريد والتصوير، بين الأعمال التي تمزج خاماتٍ وألواناً متعدّدة، وتلك التي لا تقوم إلّا على خطوط الرصاص أو الفحم.

على أن التناوُب في أعمال جمال (1955) لا يقتصر على الشكل أو الرؤية فحسب، بل وأيضاً على الموضوع؛ حيث تتنقّل أعمالها، منذ عقود، بين لوحاتٍ تلتقط أثر الحرب وحضورها على البشر والأمكنة، كما في أعمالها حول الحرب الأهلية اللبنانية، وحول حرب الخليج واحتلال العراق، وبين أعمالٍ نراها تبحث عن الألوان والسكينة في مكان آخَر بعيداً عن الرصاص والدمار، أي في الطبيعة والتضاريس أو حتى في الموسيقى.

معرضُها الجديد، "الانتماء إلى... 1990 ـ 2022"، والذي يستضيفه غاليري "آرت أون 56" في بيروت لغاية الثامن عشر من نيسان/ إبريل المقبل، يُعطي صورةً عن هذه الجدليات، إذ يضمّ أعمالاً تنتمي إلى مجمل المراحل التي مرّت بها تجربة الفنانة، وصولاً إلى سلسلة أعمالها التي وضعتها بُعيد انفجار مرفأ بيروت في الرابع من آب/أغسطس 2020.

الصورة
من سلسلة "انتماء" (من المعرض)
من سلسلة "انتماء" (من المعرض)

في هذه السلسلة، التي تحمل عنوان "بُعيد الكارثة"، تذهب الفنانة بريشتها وألوانها إلى أكوام الدمار وآثار الانفجار على المباني وصناديق الشحن في مرفأ بيروت، راسمةً فِعْل الكارثة بتقشّف تصويريّ، من دون إصرار على تفاصيل المشهد، وكأن الانفجار الحاصل فكّك الخطّ الفاصل بين عناصر المكان وحديد الأشياء، جاعلاً من الدمار هويّته الوحيدة.

الصورة
من سلسلة "بُعيد الكارثة" (من المعرض)
من سلسلة "بُعيد الكارثة" (من المعرض)

ويحضر المكان في شكل مختلف تماماً ضمن عددٍ من لوحات التضاريس والطبيعة، التي تصوّر فيها غادة جمال تِلالاً وأشجاراً وبيوتاً ملوّنة ترتكز على سفح التلّ أو في الوادي، مستخدمةً ضربات ريشة واسعة، لا سيّما في رسْم الأخضر الذي يغطّي بتدريجاته معظم السطح في سلسلة الأعمال هذه؛ أعمالٌ تُعطي مشاهد معرضها تأويلاً ثانياً، وأقلّ تأثُّراً بالدمار والحروب، عن معنى الانتماء.

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون