علوّ كعب اللاجئين في الألم

علوّ كعب اللاجئين في الألم

09 أكتوبر 2021
الدمية "أمل الصغيرة"، التي تمثّل فتاة سورية لاجئة، روما، أيلول/ سبتمبر 2021 (Getty)
+ الخط -

مرّات، أتخيل داخل هذا المونولوغ، ذاك السيناريو: اللاجئون نائمون والحرب النووية اندلعت.

لا إدارة المخيم تعمل، ولا حتّى حرّاس البوابة. العالم نزل عليه سهْم الله الحارق.

أين الأسستنات (المسؤولات)؟

أين إبراهيم ومأمون ورشيد؟

أين هو الكمان الحيّ وفنون المسرح الإيمائي والدمى، والتمييز وعدم الاستخفاف بالمصير، بالنساء والعنف الجنسي؟

متى نتغطّى بخطاب منسوج من خلال هذا المرض (أكثر شيوعًا مما يُعتقد بين النساء، لأن العديد منهن يعانين في صمت)؟
ثم أقوم أجري على الماء كي أرطّب حلقي.

وفي مرحلة تالية، ينعكس هذا الصمت وسوء الفهم المتواطئ في الأسئلة التي يهاجم بها الأطباء المريضة، وهي، بالطبع، تفشل في إيجاد حلّ لمشكلتها.

أيها البصل المجازي الذي تلفّه الممثلة مريم العزباء على خشبة المسرح، باعتباره الدواء الشافي المفترَض: أينك أنت في الطارئ النووي؟


■ ■ ■


إلهي!

أيُجدي للأدب أن أستمرّ في الحديث عن مجريات اليوم، ورواية الوقائع والحوارات، الإيماءات وشجاعة وعلوّ كعب بعض اللاجئين في الألم؟

أيُجدي في الأدب، أن أتحدّث عن قِصَر نظر وزير هجرة من أصل عراقي؟ عن أنظار بعض السياسيين الذين، من طرفَيْ نقيض، وجدوا طريقة للوحدة، في الدفاع عن القيَم الحزبية الخاصة، واكتسبوا بُعدًا سامًّا في أيامنا هذه، عندما سعى كثيرون منهم إلى تركيز العسف على اللاجئ الأعزل، المعرّض للإقصاء في كلّ يوم وليلة، كل شروق وغروب، كلّ تنهيدة وبسمة مختلَقة؟

إلهي!

ألا ترى معي أن الانتقال إلى أوروبا، من أفريقيا وأميركا اللاتينية، ومناطق الشرق الأوسط والأدنى والأقصى حتى، كان مجرّد خدعة وانطلت على الجميع، بغضّ النظر عن مستوى ثقافتهم أو جهلهم الكلّي؟

ماذا نعمل عندما تدعونا قصصنا إلى التفكير في الأكاذيب التي زوّرت ماضينا القريب والبعيد؟

هناك سؤال حاسم يطير فوق أكبر وأصغر الرؤوس: إيش جابنا هان؟ هل كل الحيوات بها كذبة في الداخل؟ هل لكلّ موجود شيء خيالي؟

وللمضي قدمًا، يظهر سؤال آخر أكثر أهمية في ليالينا تحت السقوف: هل كل تاريخ جماعي، في الواقع، هو اختراع؟

كم ندفع من أعصابنا لتشريح لحظة؟

إن اللاجئ، وهو لم يغادر بلاده بعد، هو الذي يبتكر حياة بمثل هذه المهارة عن الغرب الأوروبي. وهو نفسه الذي ينتهي به الأمر، بالبكاء تحت الجدران، إما في مخيم اللجوء، أو بعد الطرد منه، بقليل، حتى لو لم يتمّ القبض عليه في معسكر ترحيل.

أوروبا؟ لقد حان وقت الكشف عن الكذبة الهائلة.

للأسف: عقل اللاجئ هو كذاب خيالي لا يرحم، رغم أنه طافح بشتات وأشنات الواقع: حوارات مع الجيران، ومنولوغات مع الظل، وما هو من قبيلٍ كهذا.


* شاعر فلسطيني مقيم في بلجيكا

موقف
التحديثات الحية

المساهمون