استمع إلى الملخص
- يتناول الكتاب، المكون من ستة فصول، تاريخ الإمبراطورية العثمانية وتأثير الاستعمار بعد الحرب العالمية الأولى، مع التركيز على الطائفية والتعددية الاستعمارية.
- يشدد المقدسي على أهمية مواجهة الماضي بصدق وتجاوز المفاهيم الاستعمارية الموروثة لفهم تاريخ العيش المشترك بشكل حقيقي وواقعي.
يشرح كتاب الباحث الفلسطيني أسامة المقدسي "عصر التعايش: الإطار المسكوني وصناعة العالم العربي الحديث"، الصادر بطبعة عربية، عن "مركز دراسات الوحدة العربية"، التي أنجزها المُترجِم السوري علاء بريك هنيدي، كيفَ ظهرت ثقافة العَيش المُشترك الحديثة في المشرق العربي بظلّ الدولة العثمانية خلال القرن التاسع عشر، واستمرّت إلى ما بعد سقوط الدولة العثمانية، حين أخذت القوى الاستعمارية الأوروبية تسعى مراراً لاستغلال التنوّع الديني والعِرقي الغني والمتعدّد والمسكوني لـ المنطقة العربية.
يتضمّن الكتاب ستّة فصول موزّعة على قسمين: الأول بعنوان: "الإمبراطورية العثمانية قبل القرن التاسع عشر"، وتندرج تحته ثلاثة فصول: "الاختلاف الديني في العصر الإمبراطوي"، وبوتقة العنف الطائفي"، و"العيش المشترك في عصر الإبادة الجماعية"، والثاني حول "المشرق في مرحلة ما بعد الحرب العالمية الأولى"، وتندرج تحته ثلاثة فصول أيضاً: "التعددية الاستعمارية"، و"الطائفية ومناهضتها في العالم العربي بعد الانهيار العثماني"، و"كسر الإطار المسكوني العربي واليهودي في فلسطين".
يُبيّن استغلال الاستعمار الأوروبي، مطلع القرن الماضي، للتنوّع الديني والعِرقي
ويوضّح العمل، الذي صدر بالإنكليزية، أولاً، عن "منشورات جامعة كولومبيا"، عام 2019، كيف أضعفت القوى الاستعمارية المنطقة العربية، وسعت لتفكيكها، وبالتالي التحكّم في مصيرها ومستقبلها، فعملت على تقسيم المنطقة وشجّعت الاستبداد المحلّي المتكوّن وفق أهوائها؛ كذلك شجّعت الكذبة الكبرى التي تزعم أنّ منطقتنا مسكونة بمُشكلة الطائفية المزمنة، متجاهلة ما تعرّضت له المنطقة حقّاً من تشوُّهات جغرافية وثقافية وإبستيمولوجية وسياسية، كان للإمبريالية الأوروبية والأميركية دورٌ أساسي فيها.
كذلك يرى المقدسي في كتابه أنّه لكي نروي تاريخ العيش المشترك بوصفه تاريخاً لا خيالاً، أو أُمنيةً، أو أيديولوجيا، أو إشكالية، أو كراهية للذات، يجب أن نكون قادرين على تقبُّل التناقُض وعدم الكمال. ويتعيّن علينا أن نُواجه بصدق الماضي الإسلامي والعثماني والعربي كما كان، لا كما نريده أن يكون. كذلك علينا أن نفهم لماذا لجأنا في العصر الحديث إلى السرديات الرومانسية عن العصور الذهبية الغابرة.
وينبّه الباحث الفلسطيني، في المقابل، إلى أنّ إنجاز هذا العمل التاريخي الجادّ، ولجعله ذا معنى لأي مشروع من مشاريع التحرُّر، يتعيّن علينا، أولاً، أن نتخلّص من المفاهيم الاستعمارية الموروثة عن دونيّتنا مقابل الغرب، الذي حوّل نفسه تماماً إلى أسطورة.
أسامة المقدسي، باحثٌ وأكاديمي فلسطيني، أول رئيس لكرسي مي زيادة للدراسات الفلسطينية والعربية، وأستاذ التاريخ في جامعة كاليفورنيا. صدرت له مؤلّفات عديدة، منها: "ثقة في غير محلّها: علاقة الوعد المنكوث 1920 - 2001" (2010)، و"مدفعية السماء: المبشّرون الأميركيون وفشل تحويل الشرق الأوسط إلى المسيحية" (2008)، و"ثقافة الطائفية: الطائفة والتاريخ والعنف في لبنان في القرن التاسع عشر تحت الحُكم العثماني" (2000).