استمع إلى الملخص
- يعبر الكاتب عن صراعه الداخلي مع الكلمات والوجود، متسائلاً عن جدوى التراجيديا التي لم تُصغ بعد، ويدعو إلى التمرد على المعتاد وبناء عوالم جديدة.
- الرسالة تتضمن دعوة للكتابة عن الأبدية والبحث عن الفردوس، مع التأكيد على أن الوجود لا يرحم المتمردين، ويحث على مواجهة الاضطراب بشجاعة.
عزيزي بيتر،
كل المقدّمات فارغة، واللؤلؤ في عَينَيْ ليلى ليسَ إلّا سرابًا مشتهى. تبهجني براءةُ الارتماء في الأحضانِ وفي العشب الأخضر.
للفرحةِ عمرُ الذبابِ، ونشوةُ أحمقَ لا يفكّر في الموت.
لي مزاميرُ راحلينَ أقسَموا بالبقاء، وحساءُ الحنين بالزعتر ما زال دافئًا فوق الموقد. حين تنسَلُّ لتغدو نايًا يطرق بابي ليلًا، ذَكِّرني بأن أُريكَ أجسادَ ضحكاتهم المعلّقة في الدولاب.
ما يسِمُ البشرَ جيناتُ التخلّي، ولا شكّ أن "ماري دينيت" تكتب الآن رسالةً مشابهة.
في كلِّ جنينٍ رحيلُ جنين، ويكبُرُ الابتعادُ فينا طويلًا. لي في صمتي طوفان الصرخة الأولى، وما أنتَ إلا أوهامٌ أتكئ عليها ليسقُطَ ما في جعبتي من دمار. تهوي يقظتي في بئرٍ ما لها من قرار، وتنقُرُ سبّابةُ الوقتِ زجاجةَ التريُّثِ والفتوّة.
وما أنتَ إلا أوهامٌ أتكئ عليها ليسقُطَ ما في جعبتي من دمار
قل لي ما أنا صانعٌ بهذا الكمّ من الكلمات؟ ما التراجيديا التي لم تُصغ؟ ما الشكلُ الذي ما زال عَلَقَة؟ قل لي: "هناكَ ينابيعُ لا تنضَب، ارفَع رأسكَ فأنتَ النَّصُّ المُنتَظَر!".
قل لي في رسالةٍ أو في طلقَةِ مسدّس: "أنت ابنُ الأفلاكِ، أنتَ ابنُ الطّوفان!".
الوجودُ مُزرٍ لمن قرَّرَ التمرُّدَ يا "نوتس، يسهَرُ الفلاسفةُ كلَّ ليلةٍ في مقهى المقبرة. لا جِراء ولا بيض آتي بهِ إليكَ مِنهُم، لقد فَكَّروا/ شيَّدوا أماسيَ لما بعد موتهم. فلتُشيِّد أماسِيَ أو قيامات، أو جزرَ مالديفٍ على البرزخ، أو غاباتِ موزٍ على أحد أقمارِ زُحَل.
صدري إشارةُ الاحتواء لمن فارقَ المُعتادَ، وأبصمُ بالعشرةِ على تطليقِ المُسَلَّمِ.
لا يجدُ التائهون في بدايةِ الطريقِ باحةً للاستراحة؛
كَفّي الباحَةُ ووجهي المشاعِلُ،
فلندخُلْ
أنفاقَ
الاضطراب!
اكتُب
موتٌ لجنيني لا يُرى مبتدؤهُ، ودهرٌ أُراكمه على كتفَي الرسالة،
اكتُب
فراديسُ سيسعى رجلٌ من آخر الرّمادِ إلى قطفها، واكتُب:
لا قبرَ هناك
في الأبد!
* شاعر من المغرب