استمع إلى الملخص
- يواجه الفلسطينيون في غزة والضفة الغربية تحديات جسيمة من الاحتلال الإسرائيلي، لكنهم يظلون متمسكين بأرضهم وهويتهم، مؤكدين على مكانتهم البطولية في العالم.
- تسعى الصهيونية لفرض واقعها العنصري على الأرض الفلسطينية، لكنها تفشل في كسر هوية الشعب الفلسطيني الذي يتعلم من أرضه الصمود والتمسك بالقيم الإنسانية.
وتستحقُّ البلاغة أن تعانق الكبرياء إذا ما مسّها شيءٌ من ريح المعجزات. لقد طمرتنا المصائبُ يوماً بعد يوم، والأخبار المفجعة تطنُ في رؤوسنا وتصبّ ألماً من الموت الزؤام الذي فرضته الصهيونية الإسرائيلية والغربية وغيرها على أهلنا في غزّة، ولا زالت تفرضه في شمال الضفّة الغربية المكلوم. لقد تغالوا بكلّ أنواع القسوة والنذالة في إيذاء أهل غزّة، وأرعبونا رعبَ من يجاور الفَناء بلا هوادة، لكنّ إرادة أهل الأرض بقيت وتجلّت وانتصرت، رغم أقسى العذابات وأبشع الخطط.
ها هُم أهلُ غزّة يعودون إلى شمالها، يعودون إلى الدمار والخراب، ويحطّون فوقه أو بالقرب منه. إنّهم يعودون إلى روح الأرض التي تنبض في عروقهم وعروق أجدادهم التي أصابها ما أصابها من خوفٍ وألم.
لقد ساء وجه الصهيونية المجرمة وهي تتكبّر وتتنطّع أمام من صمدوا وبقوا على الأرض الفلسطينية التي حضنتهم وأهلهم من قبل. ساء وجهُ سموتريتش القادمين أجداده الغزاة من أوكرانيا، وبن غفير الكردي، ونتنياهو البولندي، وغيرهم من وجوه النكد والجريمة والخبث هذه، وازداد وجه جيشهم القابع في قمقم الجريمة قبحاً.
على طريق تجديد الولاء والحُبّ والعناق الأبدي مع وطننا فلسطين
يعود أهل غزّة وقد فقدوا أحبّة وجيراناً، وقد دُمّرت مدنهم وبلداتهم، وعاشت عقولهم وذاكرتهم أقسى الأيام والشهور. يعودون ليحيوا أنفسهم وأرواحهم أنّها ما زالت هنا، وليحيوا شهداءهم ويُطمئِنوا كلّ الأحباب بأنّ المجتمع الفلسطيني الصامد والبطل حقّاً له أنصع مكانة على خريطة العالم، وهو الأشجع والأشدّ تمسّكاً بالأرض والهوية والقيم الإنسانية.
لقد أرادت الصهيونية أن تحلّ بغرابتها وتوحّشها وعقليتها العنصرية القادمة من الغرب أن تُثبت نفسها واقعاً على أرضِ الفلسطينية، فاتّخذت من المجازر والخراب منهجيةً راسخة ضدّ شعبٍ فلسطيني شبّ على القيم والأخلاق وحسن النية. لم تتعلّم الصهيونية ولن تتعلّم أنّ عقلية الاستعلاء والسيطرة والخبث التي بنت عليها دولتها المسروقة من الأرض والتاريخ الفلسطينيَّين لن تستطيع كسر وطمس هوية أصحاب الأرض.. هؤلاء الذين تعلّموا من الأرض أن يكونوا نبضها بحياتهم عليها، وأنّها دائماً ستكون لهُم مهما طال ليل الصهيونية الحالك والطارئ على حياة وشمس فلسطين.
عاد من عاد من أهلنا، والألم والأسى ووحشة الفقد ما زالت تلفّنا، لكنّنا ومع أرواح الشهداء نتنفّس من جديدٍ على طريق تجديد الولاء والحُبّ والعناق الأبدي مع وطننا فلسطين.
* كاتب وأكاديمي فلسطيني مقيم في لندن