صورة عائليّة

26 يناير 2025
ملك مطر/ فلسطين
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تتناول الصورة الشتاء الأول كرمز للانتظار والبرد الذي قد يستمر حياة كاملة، حيث يُشبّه القلب بالسجين الذي يحفر انتظاراته على الثلج.
- تتجلى في النص صورة طفل وسط عائلة، حيث الشعر الأسود الكثيف والقدم الملتوية يشيران إلى مسار لا مفر منه، بينما الفم المغلق يعكس صمتًا مليئًا بالكلمات غير المنطوقة.
- تتساءل العيون عن شروط الحب وقوانين الفقدان، مشبهة الحياة بنوبة هلع هادئة، وتدور الكلمات حول لغة الأم كالكواكب حول شمس سوداء.

من المؤكّد أنّها صورة من الشتاء الأوّل،
أي قبل هطولِ الكلام وهُبوبِ عواصفِهِ الرعديّة فوق التّلال التي ستصعدُها بحثاً عن البحر
وقبل أن تأخذَ الحياةُ الداخليةُ مجراها كغصّةٍ جليديّةٍ هادِرة
أو كعدالةٍ شاعريّةٍ مؤجّلةٍ دائماً
لكنّ لا شيءَ يوحي أنّ الشتاءَ ليس فصلاً وإنّما آلة حادّة يحفرُ بها القلبُ انتظاراتِه على الثلج كما يفعل السجناء على جدرانِ زنازينِهِم
وأنّ البردَ قد يستمرُّ حياةً كاملة
أنت في الوسَط، 10 كيلوغرامات أو أقلّ من دهشةٍ لامعة
تُحدِّقُ في العَدَسة التي تقوم بتجميع الأشعّة المنعكسة من جسمك الصغير
إلى يسارِك ولدٌ لُغْزٌ يظهر ويختفي في الكاميرا كشهيقٍ وزفير
شعرُك أسود وكَثيف كحبرِ رسائل لن تُرسل
القدم ملتويةٌ إلى الداخل في إشارةٍ إلى طريقٍ لا يمكن تجنّبُها
الإبهام والوسطى ترسمان مدخلاً دائريّاً عذباً لنَفَقِ الحبّ الذي لا نهايةَ له
الفَم مغلقٌ ككتابٍ يتلذّذُ على حروفٍ شفويّة دون أن ينطقَها
ويتجاهل الحروفَ التي تخِزُ الحَلقَ
حولك عائلةٌ متماسكةٌ من الصُّموتات العابِرة للأجيال
العيون تشبه عدّاً تنازليّاً لانطلاق مركبةٍ فضائيّةٍ إلى مدارات الحزن التي سيتمّ اكتشافُها لاحقاً
مدارات ستدورُ الكلمات فيها حول لغةِ الأمّ بمثابرةِ الكواكب التي تدورُ حولَ شمسٍ سوداء
وتتشبّث بها كَمَنْ يتشبّثُ بهاويةٍ لكي لا يسقطَ
تدور وتسأل، تدور وتسأل:
ما هي شروط الحبّ؟
ما هي قوانين الفقدان؟
ولماذا، حين نُحبّ، تكون الحياة أشبه بنوبةِ هلعٍ هادئة؟


* شاعر من فلسطين

نصوص
التحديثات الحية
المساهمون