"صداقة" لمايورغا.. مسرحية الحياة والموت

"صداقة" لمايورغا.. مسرحية الحياة والموت

26 مايو 2023
من المسرحية
+ الخط -

لماذا يجبُ أن يموتَ شخصٌ ما لكي نقدّر معنى الحياة؟ هذا هو السؤال الأخير الذي يطرحه مانغلانو، أحد أبطال مسرحية "صداقة" للكاتب والمسرحي الإسباني خوان مايورغا (1965)؛ والتي تُعرض حالياً على خشبة "مسرح مدريد الوطني"، وتستمر لغاية السادس عشر من حزيران/ يونيو المقبل. 

تروي المسرحية قصة ثلاثة أصدقاء هم مانغلانو، ودوماس، وأوفارتي، يعرفون بعضهم منذ الطفولة، وقد تشاركوا في تجارب الحياة، القاسية منها والمرحة، محاولين، على الرغم من كل شيء، الحفاظ على رباط الصداقة الذي يجمعهم منذ الصغر. 

ولكن، أمام دهشة المشاهد، سيُفتح ستار الفصل الثاني من المسرحية، وسيحتلُ نعشٌ كبيرٌ خشبة المسرح، ولن يظهرَ بعد الآن إلا شخصين، هما مانغلانو وأوفاراتي، ذلك أنَّ دوماس - الأفضل بين الثلاثة - قد رحل عن الحياة، وها هي الذكريات الآن تطفو على خشبة المسرح، متدفقةً مع الآلام التي تسبّب بها رحيل صديق العمر. 

هل يجب أن يموت أحدٌ لكي نقدّر معنى الحياة؟ 

لكن، لن تظهر الذكريات والآلام فحسب، بل ستظهر أيضاً خفايا من علاقة الصداقة التي جمعت الثلاثي، والتي يتعرّف عليها البطلان اللذان بقيا للمرّة الأولى. هنا تبدأ فعلياً المسرحية الحقيقية، مسرحية الصداقة، أو كوميديا الصداقة، حيث سيكشف لنا المؤلف ببراعة، هشاشة العلاقات الإنسانية، وهشاشة الرابط الذي جمعَ بين أبطال المسرحية، ولكن سيكون ذلك بحسٍّ فكاهي ودرامي إلى حدٍّ ما. 

الأصدقاء الثلاثة الذين عرفوا بعضهم منذ الطفولة ها هم الآن في جلسة اعترافية - واحد منهم في التابوت- والاثنان اللذان بقيا إلى جانبه، يتحدثان مع بعضهما ويتعاتبان بعد ما اكتشفا من أسرار وخفايا، تارةً يضحكان، وتارةً يهددان  بعضهما بحضور الثالث الميّت، وكأن الحياة ليست إلا لعبةً كوميدية لا ندركها إلّا بعد أن نفقد شخصاً عزيزاً. 

مرّة جديدة يقدّم المسرحي الإسباني خوان مايورغا نصاً مليئاً بالأبعاد الفلسفية والفكرية، ولكن بقالبٍ لا يخلو من الفكاهة والكوميديا، وكأنّه يعكس بهذا مرورنا في هذه الحياة، التي قال عنها الشاعر الإسباني الكبير كالديرون إنها "ليست إلا مسرحاً كبيراً". 
 

المساهمون