استمع إلى الملخص
- ممدوح عدوان في "حيونة الإنسان" يدرس المجزرة كنموذج للقتل الجماعي، مشيراً إلى توزيع المسؤوليات بين الأطراف لتخفيف نصيب كل طرف.
- بيان نويهض الحوت توثق المجزرة في "صبرا وشاتيلا: أيلول 1982"، مؤكدة أنها مجزرة وليست معركة، مع توثيق 1390 ضحية من جنسيات مختلفة.
ثلاثة وأربعون عاماً، مرَّت على مجزرة صبرا وشاتيلا، بحق اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، في أثناء اجتياح "إسرائيل" للبنان، وفي ظروف الحرب الأهلية اللبنانية، التي كان لها سبع سنوات، عندما حدثت المجزرة على امتداد ثلاثة أيام (16-18)، من شهر سبتمبر/أيلول 1982.
مع تعقيد ظروف المجزرة، يأخذ ممدوح عدوان منها نموذجاً لعمليات القتل الجماعي، إذ يدرسها في كتابه "حيونة الإنسان" كمثالٍ محكم ومكتمل عن عميات القتل الجماعي، التي تتوزّع المسؤوليات فيها، بهدف تخفيف نصيب كل طرف، من مسؤولية القتل. وهو ما يتيح تغاضي كل طرف، عما يفعله الآخرون.
وفي الترتيب الذي يذكره عدوان، لتفكيك هذه المجزرة ودراستها، يبدأ من اجتياح بيروت، الذي حصل بذريعة إجبار المقاومة الفلسطينية على الانسحاب من بيروت ومن المخيمات، من أجل أمن "إسرائيل"، مع تعهّد أميركي بحماية المدنيين في بيروت وفي المخيمات، يلي ذلك مقتل بشير الجميل، ثمّ دخول القوات الإسرائيلية إلى بيروت الغربية، بدعوى منع الكتائب من القيام بأعمال انتقامية في بيروت الغربية.
إلا أن ما حصل، هو حصار الإسرائيليين لمخيمي صبرا وشاتيلا، ثمّ السماح لمسلحي الكتائب بالدخول إلى المخيمين، بذريعة البحث عن الفدائيين الفلسطينيين الذين خلّفتهم منظمة التحرير وراءها. وما فعله الإسرائيليون، بعد ذلك، أنهم منعوا أحداً من دخول المخيم أو الخروج منه، مع إلقاء قنابل مضيئة ليلاً. ثمّ، عندما قرّر إيلي حبيقة، قائد القوات التي اقتحمت المخيمين، الإدلاء بشهادة في محكمة ببلجيكا، عن الدور الإسرائيلي، وضد شارون، اغتيلَ في بيروت عام 2002.
توثق بيان نويهض الحوت في كتابها 1390 اسماً للضحايا
المجزرة، بمقدماتها، ونتائجها، في دراسة ممدوح عدوان، تقرأ تفاصيلها بالوقائع والشهادات، في كتابٍ آخر، وهو كتاب الباحثة اللبنانية بيان نويهض الحوت "صبرا وشاتيلا: أيلول 1982". بما يتضمنه الكتاب، من مناهج التاريخ الشفهي، في الجانب المرتبط بالضحايا، وقد استمرت تجمع شهادات الناجين، لعامين ونصف العام (1982-1985)، مع ما يعنيه استقاء التاريخ بهذه الطريقة من تجربة، لكتابة ذاكرة الناس أنفسهم، وصعوبات هذا أيضاً، خاصة مع تجريم ذكر "المجزرة" في السنوات التي أعقبتها، وما إن أنهى الإعلام الغربي التغطية الصحافية.
في الدراسة التي تستوفي أسماء الضحايا والمفقودين، توثق 1390 اسماً. ويتوزع الجهد البحثي على قسمي الكتاب، القسم الأول "شهادات وروايات"، وفيه ستة فصول عن أحداث المجزرة وفقاً للتسلسل الزمني، وفي الأيام الثلاثة للقتل، وشهادات العاملين في المؤسسات الإنسانية، كذلك أوصاف القتلة برواية الشهود. وتخلص في نهاية هذا القسم، ضمن مجموعة من الشهادات، عن معرفة الجنود الذين حاصروا المخيم، بما كان يحدث في داخله، إلا أنّ مسؤوليتهم -بالطريقة التي يعرضها عدوان- كانت ضمان استمرار عمليات القتل.
ومن قتلوا، لم يكونوا "مخربين"، إنما كانوا أمهات وآباء وأطفالاً، كذلك لم يكونوا فلسطينيين فقط، بل كان معهم لبنانيون وسوريون، وعمال من باكستان وبنغلادش وتركيا وإيران. وما ادّعاء البحث عن "مخربين"، إلا أيديولوجيا صهيونية، تنفي وجود الشعب، وتساعد عبر التصنيف على جعل الجريمة ممكنة. وجهد نويهض، يفنّد بالجداول والإحصائيات في القسم الثاني من الكتاب، الادّعاء الإسرائيلي بأن "صبرا وشاتيلا"، كانت معركة، إنما كانت مجزرة تضاف إلى مجزرة دير ياسين، وجزء من مجازر تلتها أيضاً، آخرها ما يحدث منذ قرابة العامين في غزة، هذه المرة، وسطَ حصار العالم، الذي يعرف ويسمع ويرى.