صالح الرفاعي.. صور تحتجّ على حربٍ يجب ألّا تتكرر

21 ابريل 2025
جوانب من المعرض (من صفحة "جامعة بيروت العربية" على فيسبوك)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- معرض "خمسون عاماً على الحرب الأهلية" للمصور صالح الرفاعي في جامعة بيروت العربية يبرز الصور كأداة توثيقية لا تُقدّر بثمن، حيث يعرض مشاهد من خطوط التماس الشهيرة، ويهدف إلى التوعية والتذكير باحترام لمن فقدوا أحباءهم.

- الرفاعي يشدد على أهمية الصور في توثيق التاريخ بلا تزوير، ويطالب بإنشاء هيئة مصالحة وطنية ومتحف وطني للصورة لتعزيز المناعة الوطنية وتوثيق التجارب التاريخية.

- الصور الفوتوغرافية مهددة بالتلف، ويجب تحويلها إلى نسخ رقمية لحفظها، لكن ضعف الميزانيات الثقافية في لبنان يعوق هذا المشروع، خاصة بعد الأزمة الاقتصادية.

مرّت خمسون عاماً على اندلاع الحرب الأهلية اللبنانية، ولا يزال اللبنانيون يحيون ذكراها سنوياً بطرق وصور شتى. الحرب، وربما الحروب، تخيّم فوق رؤوس ويوميات اللبنانيين، ما يجعل القلق مقيماً في النفوس. في هذا السياق، تبرز الصورة بوصفها أداةً توثيقيةً لا تُقدّر بثمن، فهي لا تكتفي بنقل مشاهد المعارك والخراب والموت، بل توثّق شهادات بصرية تعجز الكلمات عن الإحاطة بها.

ضمن هذا الإطار، جاء معرض المصوّر اللبناني صالح الرفاعي بعنوان "خمسون عاماً على الحرب الأهلية: لا تنذكر ولا تنعاد" المقام حالياً في مقرّ "جامعة بيروت العربية" بالعاصمة اللبنانية، ويتواصل حتى الخامس والعشرين من الشهر الجاري.

ويضم المعرض صوراً فوتوغرافية بالأبيض والأسود، جسّدت مشاهد من خطوط التماس الشهيرة، مثل الشياح – غاليري سمعان، والسوديكو – رأس النبع، وأظهرت مبانيَ مثقوبة بآلاف الرصاصات، وشوارع هجرتها الحياة. أعادت الصور إلى الأذهان تفاصيل بدأت تندثر تحت وطأة الحروب المتلاحقة، لا سيّما الحرب الأخيرة.

تفاصيل بدأت تندثر تحت وطأة الحروب المتلاحقة التي شهدها لبنان

من بين صور المعرض تبرز واحدة تُظهر جندياً فرنسياً واقفاً على إحدى نواصي بيروت في إطار مهمة حفظ السّلام في خريف العام 1982، إلى جانب أخرى توثّق وجود القوات الأميركية والإيطالية في العاصمة اللبنانية في الفترة ذاتها، ما يحيل إلى كثرة الجيوش التي مرّت على لبنان، لتكون الصورة الحافظة الرئيسية للتاريخ بلا تزوير أو تدخلات سياسية.
وفي حديث مع "العربي الجديد"، أشار الرفاعي إلى أن معرضه لا يهدف إلى عرض العنف، بل إلى التوعية والتذكير، احتراماً لمن فقدوا أحباءهم أو عانوا من ويلات الحرب. لذا؛ اختار الفنان أن يتكلم بالكاميرا، لأنّها تختصر الألم حين تعجز الكلمات.

من معرض صالح الرفاعي - القسم الثقافي
من صور المعرض (من صفحة "جامعة بيروت العربية" على فيسبوك)

أما عن صور المعرض، فيقول الرفاعي لـ"العربي الجديد" إنها "تحكي قصصاً، وتقدّم شهادات، وتحتج بصمت على حرب يجب ألّا تتكرّر"، ويتابع: "أنا أستحضر دائماً صورة 'طفلة النابالم' التي ساهمت في إنهاء حرب فيتنام، وأسأل: كم صورة نحتاج لنوقف آلة القتل؟".

واستغل الفنان اللبناني المناسبة للحديث عن التقصير الرسمي والأهلي الكبير في البحث عن سبل توفير المناعة الوطنية، مطالباً بإنشاء هيئة مصالحة وطنية، ترمّم الشرخ وتبحث في أسباب الحرب وتداعياتها، وتضع أولويات التنمية على الخارطة الوطنية، خصوصاً في المناطق المهمّشة. وفي هذا الإطار، دعا الرفاعي إلى إنشاء متحف وطني للصورة، على غرار "متحف نيويورك"، الذي يوثّق صور المهاجرين الأوائل إلى الولايات المتحدة. فالصورة، بحسب الرفاعي، ينبغي ألّا تُستغل لتذكّر بالجرح، بل لتكون دافعاً للتأمل والتعلّم وأخذ العبر.

وأشار الرفاعي إلى أنّ الصور الفوتوغرافية، وخاصة تلك المحفوظة بصيغة "نيغاتيف"، مهددة بالتلف، ويجب تحويلها إلى نسخ رقمية لحفظها، لكن هذا المشروع مكلفٌ للغاية، وغالباً ما تعاني الحكومات من ضعف الميزانيات المخصّصة للثقافة، كما هو الحال في لبنان، لا سيّما غداة الأزمة الاقتصادية والمالية التي انفجرت في خريف العام 2019.

المساهمون