استمع إلى الملخص
- تعرض فتّال 82 عملاً فنياً في إسبانيا، مستكشفةً الحدود بين التصوير، الرسم، والنحت، لخلق مساحة متعددة الثقافات، مستحضرةً الأدب، الأساطير، والشعر الصوفي، في إشارة إلى فقدان الأماكن التاريخية.
- يضم المعرض رسومات بالحبر ولوحة كبيرة، تهدف لخلق نص بصري خالٍ من الحروف، حيث يُستخدم الحبر كوسيلة للتفكير في السرد والذاكرة والهوية، مما يعكس هشاشة التاريخ الرسمي.
مهما كان المكان أو المعرض الذي تقدّم فيه أعمالها الفنية، تنطلق الفنانة السورية، سيمون فتّال، في اشتغالاتها متعدّدة التخصّصات من مكانٍ واحد: الطفولة ومكان الولادة؛ دمشق عام 1942، وكأنّها في ذلك تحاول اقتفاء ذلك الجذر الأول والخصب، بحثاً عن المكان الآمن الذي غادرته لسبب أو لآخر.
ربّما لهذا يلاحظ الزائر لمعرضها الذي يحمل عنوان Suspensión de la incredulidad ويمكن ترجمته بـ "تعليق الشك" المقام حالياً في غاليري "خوليو غونزاليس" بمدينة فالنسيا، ويتواصل حتى الأول من حزيران/ يونيو 2025، رغبة في التعامل مع الزمن على أساسه أنّه كيانٌ مرن يتجاوز حدود الماضي والحاضر والمستقبل، وربما لهذا السبب، أيضاً، تلوذ في معرضها إلى الأساطير، بدءاً من مصر القديمة، مروراً بالتقاليد السومرية والإرث الشعري الصوفي، إضافة إلى التقاليد اليونانية والرومانية، والروح الصوفية التي تمتد على طول حوض البحر المتوسط، من أجل خلق شخصيات نموذجية تدمج الروايات التاريخية في الحاضر.
عبر 82 عملاً فنياً، تعرض الفنانة للمرة الأولى في إسبانيا، على هامش حصولها على جائزة "خوليو غونزاليس" لعام 2024، اشتغالاتٍ فنيةً قامت بها في العقدين الأخيرين، تستكشف من خلالها الحدود بين التصوير، والرسم، والنحت، في محاولة منها لخلق مساحة متعددة الثقافات، تختلف عن تلك الموجودة في التاريخ الرسمي.
رسوم ومنحوتات تستحضر الأدب والحكايات والأساطير والشعر الصوفي
ملائكة، وأبطال، وتماثيل للفاكهة والحيوان، وآلهات، ومخلوقات أسطورية، جميعها أعمالٌ ومنحوتات برونزية أو طينية أو حجرية تختلط في ما بينها وكأنها تستحضر الأدب والحكايات والأساطير والأشعار القديمة، إضافة إلى الروايات الدينية، في إشارة إلى فقدان الأماكن التاريخية مثل تدمر أو حلب، أو على الأقل اختلافها عن تلك الموجودة في التاريخ الذي تعوّدنا على قراءته. أعمالٌ قديمة وحديثة في الوقت نفسه، تعكس الإنسانية ومكانتها في العالم، بهدف خلق حوار بين الماضي والحاضر.
تختزل فتّال منحوتاتها؛ التي قد تبدو للوهلة الأولى أنها ذات أشكال مكررة وبدائية، ولكن ما إن يتأمل الزائر فيها يستشعر الفروق والعلامات الدالة في ما بينها، وكأنها بذلك تشكل توليفة متناغمة تذكّرنا بهشاشة التاريخ الرسمي.
يحتوي المعرض أيضاً على سلسلة من الرسومات بالحبر، وهي نتاج السنوات الأخيرة، والتي تحاول من خلالها فتّال خلق نماذج مرجعية، حيث يتم استخدام الحبر كطريقة لنقل الشخصية والعائلة والمجتمع، إضافة إلى استخدامه كفضاء للتفكير في السرد والذاكرة والهوية.
وإلى جانب هذه الرسومات الحبرية توجد لوحة كبيرة مؤلفة من عشر قطع يمكن للزوار مشاهدتها أثناء الاستلقاء على أريكة موجودة في الصالة، تهدف كما يقول بيان المعرض إلى "خلق نصٍ خالٍ من الحروف أو علامات الترقيم، مؤلفاً فقط من الإيماءات، والقطرات، والعلاقات بين الحبر والماء والورق ويد الفنان". الهدف من الأريكة هو صهرها كجزء من اللغة البصرية للعمل، عندها سيكتشف كل من يستلقي على الأريكة ليرى اللوحة في تلك اللحظة بالذات أن الفن، هو كما تراه الفنانة نفسها، "فعل فوري".