استمع إلى الملخص
- المهرجان شهد خمس أمسيات شعرية فلسطينية، رغم غياب بعض الشعراء بسبب التوتر الإقليمي، حيث قُرئت نصوصهم باللغتين العربية والفرنسية، مما أضفى بُعداً سياسياً غير معلن على الفعالية.
- "سوق الشعر" يُعدّ من أبرز الفعاليات الشعرية في فرنسا، ويجمع المؤلفين والقرّاء والمترجمين، ويُعتبر الحضور الفلسطيني فيه احتجاجاً أدبياً أمام الرأي العام الأوروبي.
جاء التراجع عن قرار سحب استضافة فلسطين ضيفَ شرفٍ في الدورة الثانية والأربعين من "سوق الشعر" في باريس، ليعكس مزاجاً ثقافياً عاماً متعاطفاً مع القضية الفلسطينية، خاصة في ظل استمرار العدوان على غزة وتنامي التضامن الدولي، كما ظهر في الحراك الطلابي داخل الجامعات الغربية.
قرار الإلغاء، الذي اتخذ في وقت سابق بدعوى تجنّب تسييس الفعالية، جاء في رسالة وُجّهت إلى الشاعر المغربي عبد اللطيف اللعبي، صاحب اقتراح الاستضافة، والذي وصف القرار حينها بـ"المنحاز سياسياً". لكن المفارقة أن الإلغاء بحد ذاته عُدّ موقفاً سياسياً يُقصي صوت أصحاب الأرض.
اللعبي، المعروف بمسيرته الطويلة في التوثيق للشعر الفلسطيني، أصدر على مدى عقود ثلاثة أنطولوجيات شعرية، كان آخرها بعنوان أن تكون فلسطينياً: أنطولوجيا الشعر الفلسطيني الراهن (2022).
ورغم الطابع الأدبي الخالص للتظاهرة التي تنظمها مؤسسة CIRCÉ في ساحة سان سولبيس منذ 1983، فإن ما رافق استضافة فلسطين هذا العام أضفى بعداً سياسياً غير معلن على المهرجان. وقد تكفلت وزارة الثقافة الفلسطينية بدعوة الشعراء المشاركين، غير أن إغلاق المجال الجوي بسبب التوتر الإقليمي حال دون وصول بعضهم، من بينهم الشاعر غسان زقطان، لتُقرأ نصوصهم باللغتين العربية والفرنسية.
حين يُمنع الشعر من الحضور، تصبح السياسة أعلى صوتاً
المهرجان الذي افتتح يوم الأربعاء الفائت ويختتم فعالياته اليوم الأحد، شهد خمس أمسيات شعرية مخصصة للشعراء الفلسطينيين، إلى جانب لقاءات غير رسمية مع القرّاء. واستُهلّت التظاهرة الشعرية الباريسية بعرض لمشهد الشعر الفلسطيني قدّمه كلٌّ من كريستوف دوفان وعبد اللطيف اللعبي. وسبق ذلك جهود الأخير في ترجمة عدد من الكتب الشعرية إلى الفرنسية، منها: "البرابرة خاصتي" لغسان زقطان، "مخالب" لجمانة مصطفى، "على حواف حادّة" لنداء يونس، "ولا تصدقوني إن حدّثتكم عن الحرب" لأسماء عزايزة.
كما صدرت خلال المهرجان مجلة مخصّصة لترجمة قصائد ضيوف الشرف – الشعراء الفلسطينيين – إلى اللغة الفرنسية، بطبعة بلغ عددها 30 ألف نسخة، وقّعها الشعراء في لقاءاتهم مع الجمهور الفرنسي. وعلى هامش "سوق الشعر"، أقيمت أمسية شعرية في بروكسل بعنوان "غزة، أهناك حياة قبل الموت؟"، وهو عنوان أنطولوجيا شعرية صدرت حديثاً عن دار الرافدين، وجمعت قصائد لشعراء من غزة ومن الشتات.
رغم قَرار الإلغاء ثم العودة عنه، وتعذر حضور بعض الشعراء من الداخل، يشكّل الحضور الفلسطيني في هذه التظاهرة العالمية نوعاً من الاحتجاج الأدبي أمام الرأي العام الفرنسي والأوروبي. إذ يُعدّ "سوق الشعر" من أبرز الفعاليات الشعرية في فرنسا، ويجمع، خلال خمسة أيام، المؤلفين والقرّاء والمترجمين، بمشاركة نحو 500 دار نشر، ويتضمن قراءات، وتوقيع كتب، ونقاشات، وأمسيات شعرية. وقد استضاف المهرجان في دوراته السابقة دولاً عدة مثل: إسبانيا، وإيطاليا، والبرتغال، والهند، وبولندا، وكاتالونيا، في تقليد يهدف إلى تسليط الضوء على بلد مختلف كل عام.