سوزان سونتاغ: في نزع البلاغة عن المرض

سوزان سونتاغ: في نزع البلاغة عن المرض

09 مايو 2021
سوزان سونتاغ عام 1993 (Getty)
+ الخط -

منذ بدايات الفكر وسؤال المرض حاضرٌ باعتباره موضوعاً للبحث. فالتساؤل حول الاعتلال لم يكن غريباً على الفلسفة العربية الإسلامية، التي كان جزءٌ لا بأس به من رموزها إمّا طبيباً أو مطّلعاً على الطب، كما أن المرض لم يغب عن الأفكار التي شغلت أفلاطون، وهو، من بين الفلاسفة اليونانيين القدماء، أحد أبرز المعلّقين على اشتغالات مواطنه أبقراط.

خلال القرن الماضي، عرفت مسألة المرض عودةً من الباب الواسع في حقول الفلسفة والفكر والتنظير، حيث توقّف عندها العديد من الأسماء البارزة، ولا سيّما في الفلسفة الفرنسية، مثل ميشيل فوكو، الذي خصّص جزءاً كبيراً من مشواره الفكريّ لقضايا المرض العقلي (ولا سيّما الجنون)، والطبّ، والمصحّات العقلية، ومثل معلّمه، جان كانغيلم، الذي وقّع كتاباً مرجعياً في هذا الحقل، هو "الطبيعي والباثولوجي".

أمّا على الطرف الآخر من المحيط الأطلسي، فيحضر اسم الناقدة والمفكّرة الأميركية سوزان سونتاغ كواحدةٍ من أبرز الذين توقّفوا عند هذه الظاهرة بالتحليل والنقد، التي تحضر في كتبٍ مثل "الالتفات إلى ألم الآخرين" (صدرت نسخته العربية عام 2005)، و"الإيدز واستعاراته" (لم يُترجَم بعد)، وكذلك "المرض كاستعارة"، الذي صدرت نسخته العربية أخيراً لدى "دار المدى" بترجمة حسين الشوفي.

الصورة
المرض كاستعارة

بخلاف الفكرة "الرومانسية" التي قد يُعطيها العنوان، والمتمثّلة في العثور على بعدٍ جماليّ وشعريّ أو حتى فكريّ في المرض ــ كما هو الحال، مثلاً، لدى فيلسوفٍ مثل فريديرش نيتشه ــ تتناول صاحبة "حول الفوتوغراف" بالنقد تحويل المرض إلى استعارة عن الشخص المصاب به، حيث تُربط عِللٌ مثل السلّ (الذي تصفه بأنّه كان مرض القرن التاسع عشر بامتياز) والسرطان (مرض القرن العشرين) بطبيعة الشخص، وبصفاته العاطفية أو النفسية.

الانتقاد الذي توجّهه سونتاغ يستهدف النقطة الأخيرة التي يقود إليها هذا الربط الاستعاري والرومانسي، أي الانتهاء بتحميل المريض، بشكلٍ ما، مسؤولية اعتلاله، لأنّه لم يعبّر بما يكفي عن نفسه، عن مشاعره وتجاربه أو صدماته، في حين أنّ المرض قد لا يكون إلّا مسألة بيولوجية بحتة.

تكتب سونتاغ لتدافع عن ساكني الجانب الليليّ من الوجود، أو ساكني مملكة الاعتلال (ويقابلهم، بحسب الكاتبة، ساكنو مملكة الصحّة)، وهي تفعل ذلك انطلاقاً من تجربتها الشخصية كمصابة بسرطان الثدي، حيث خطّت صفحات كتابها هذا أثناء علاجها منه، ليصدر عام 1978.

آداب وفنون
التحديثات الحية

المساهمون