سعاد مردم بك.. في انتظار الأمل

سعاد مردم بك.. في انتظار الأمل

17 يناير 2021
جزء من لوحة (من المعرض)
+ الخط -

بماذا تحدّق شخصيات سعاد مردم بك التي تبدو، لمَن يراها، في غاية الهدوء والسكينة، أو ربما في غاية القلق الخافت؟ ثمة شخصيات تنظر إلى مشاهدِها، بأعين رانية، تتوّقع منه شيئاً، وأخرى تبحث بعيداً، خارج إطار اللوحة، كمَن يتأمّل أو ينتظر أمراً ما، من نفسِه هذه المرة. أما الطفل، الذي يحمل تقاسيم وجه وتفاصيل جسد تكبُر عمره، بل تكبر الهيئة البشرية المألوفة، فهو يلتفت ليحدّق بشمس صغيرة، متّقدة، تقول مستقبلاً ما.

في معرضها الجديد، "أضعتُ المفتاح"، المستمرّ حتى الأول من شباط/ فبراير المقبل في "غاليري الزمالك" في القاهرة، تختار الفنانة السورية لشخوصها ونباتاتها وطيورها عالَماً يقيم بين عالمين: بين الخيبة والأمل. للوهلة الأولى، تُعطي اللوحاتُ انطباعاً بأن الخيبة والأسى هما مصير ما نراه من شخوص ناحلة وباهتة الألوان، كهذه الفتاة الملفّعة بسَوادٍ لا يترك لنا إلا بياض وجهها الشاحب.

سعاد مردم بك 1
(من المعرض)

لكننا لا نلبث أن نلتقط الأمل، المبثوث هنا وهناك، في اللوحات؛ كما هو الحال مع هذا الرداء الأسود، الذي ترتديه هذه الفتاة، والمطرّز بتفاصيل ووجوه وطيّاتٍ تمحو الانطباع الأول، وتقول أكثر عن هاتين العينين اللتين تنظران بعيداً. الأمر نفسه يعود إلينا في لوحات أخرى، كالولد، الشاحب هو الآخر، لكن المأخوذ تماماً بشمسٍ وإن كانت بعيدة وصغيرة؛ أو كهذه الفتاة التي تقدّم زهوراً موشّحة بأغصان، بالكاد تُجيد حملَها.

تبدو لوحات "أضعتُ المفتاح" وكأنها تغادر عالماً، هو عالم الإنصات والتأمل أو الانتظار، الذي تقطنه مساحات واسعة من الأبيض والرمادي، إلى عالم أكثر تلوّناً ووعوداً، هو عالم الأمل، أو عالم العثور على ذلك المفتاح الضائع. كأننا أمام أعمال تقدّم تنويعات في انتظار الأمل، في البحث عنه وفي التمرّن عليه.

سعاد مردم بك 2
زيت ومواد مختلفة على قماش، 50 × 50، 2020 (من المعرض)

في تقديمها للمعرض، تقول الفنانة السورية إن معرضها يريد تلخيص حالة عالِمنا الراهن، الذي يواجه مجهولاً لا يمكنه أن يقوم بشيء آخر إزاءه سوى الانتظار، كما هو الحال مع غودو في مسرحية صامويل بيكيت الشهيرة. 

هكذا، يصبح المفتاح الضائع تعبيراً رمزياً عن ذلك الأمل المفقود، الذي تُفتح له الأبواب والعيون في انتظار عودته. عودة ترسمها لنا بعض لوحات المعرض، كتلك اللوحة التي تراوح فيها الحمامات في كل الاتجاهات، وكأنها مربكة بوصول شيء ما، أو بالعثور عليه. 

الأرشيف
التحديثات الحية

المساهمون