سبستياو سالغادو.. عدسة تقاوم تدمير الأمازون

سبستياو سالغادو.. عدسة تقاوم تدمير الأمازون

24 ديسمبر 2021
(من المعرض حين أقيم في روما العام الجاري، Getty)
+ الخط -

بعد حوالي خمسة عقود من العمل في التصوير الوثائقي، يخلص سبستياو سالغادو إلى أن مجتمعاتنا الاستهلاكية اليوم مسؤولة عن تدمير كوكب الأرض وتراثه البيئي، وأن المعرفة البيئية التي يسعى إلى نشرها تهدف إلى الاعتراف بأن البشر مخلوقون من طبيعة واحدة، وأنهم جزء من التنوع البيولوجي.

تجوّل المصوّر البرازيلي (1944) في أكثر من مئة وعشرين بلداً حول العالم، ونفّذ بمشاريع استغرقت وقتاً طويلاً في توثيق حياة العمّال في الدول النامية والمهاجرين في الغرب، والكوارث الطبيعية التي يتسبّب فيها الإنسان حيث تزداد مساحات التصحّر وملوحة التربة وتلوّث المياه، وهو يرى أنه يقوم في كثير من الأحيان بعمل سياسي يهدف إلى إنقاذ مناطق هُمشّت في نظام عالمي يصف نفسه بالديمقراطية.

حتى الأول من آذار/ مارس المقبل، يتواصل معرضه "أمازونيا" في "متحف العلوم" بلندن والذي افتتح في الثالث عشر من تشرين الأول/ أكتوبر الماضي، ويضم مئتي صورة بالأبيض والأسود هي نتاج مشروعه الجديد الذي استمرّ نحو سبعة أعوام، ويضيء حياة السكان الأصليين والمناظر الطبيعية المتنوعة للغابات المطرية في البرازيل.

الصورة
(من المعرض، Getty)
(من المعرض، Getty)

التقطت صور المعرض في رحلات متعدّدة قام بها سالغادور مشياً على الأقدام أو مستقلّاً القوارب النهرية، إلى جانب اللقطات الجوية الشاملة لشلالات غابات الأمازون والسماء العاصفة بالرياح، ويتمّ عرضها بمصاحبة موسيقى المؤلّف الفرنسي جان ميشال جار، ويتضمّن المشروع أيضاً فيلماً وثائقياً يحمل عنوان المعرض نفسه، وكتاب مطبوع يحتوي جميع صور الرحلة.

تبدو المغامرة مثيرة في جانبٍ من جوانبها، حيث تظهر الأشياء ضخمة جداً في هذه الغابات، منها سمكة كبيرة يبلغ طولها ثلاثة أمتار، وأخرى تزن 250 كيلو غراماً، كما يبلغ عمق المياه في النهر الأسود قرابة ثمانين متراً ويصل عرضه في بعض المواضع إلى نحو عشرين كيلو متراً، لكن الصور تستكشف أيضاً حياة قبائل يانومامي، وهم شعب من السكّان الأصليين لديهم أربع لغات، وبعض جماعاتهم لا تستطيع فهم الجماعات الأخرى، كما أن قسماً منهم لا يزال معزولاً تماماً عن العالم ولم يتواصل مع أناس غرباء من قبل.

الصورة
(من المعرض)
(من المعرض، Getty)

يركّز سالغادو على المشكلة الأساسية التي يعاني منها سكّان الأمازون، وهي حرائق الغابات ومحاولات إزالتها عبر بناء الطرق وتحويلها إلى أراض زراعية لأصناف أخرى من النباتات، ما يعني التضييق على الملايين من السكّان الأصليين والقضاء على نمط إنتاجهم القائم على الصيد وجمع الثمار، تماماً مثلماً أسلافهم الذين عاشوا في المكان منذ آلاف السنين.

ذهب المصور البرازيلي في رحلاته مع فريق مكوّن من اثني عشر عضواً من أجل المساعدة في أعمال التصوير، وكذلك في الترجمة بينه وبين أفراد قبائل يانومامي، كما ضمّ الفريق عالماً في الأنثروبولوجيا، في محاولة لإبراز الخطر الذي يمثّله المشروع الاقتصادي الرأسمالي في الأمازون، حيث ستتحوّل هذه الغابات إلى حقول تعتمد الزراعة بالآلات، ويتمّ ترك أصحابها للموت في العراء بعد أن يفقدوها.
 

المساهمون