ذكرى ميلاد: محمد شفيق غربال.. إعادة نظر في تاريخ مصر

ذكرى ميلاد: محمد شفيق غربال.. إعادة نظر في تاريخ مصر

04 يناير 2021
(محمد شفيق غربال)
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، الرابع من كانون الثاني/ يناير، ذكرى ميلاد المؤرخ المصري محمد شفيق غربال (1894 - 1961).


في كتابه "تكوين مصر" (1957)، يعارض محمد شفيق غربال مقولة المؤرخ اليوناني هيرودوت بأن "مصر هبة النيل"، من خلال التأكيد بأن نشوء هذا البلد كان من صناعة جماعة من الناس هم المصريون، بما يتميز به نتاجهم من الرسوخ والانفراد، موضحاً أن رؤيته المخالفة لم تأت من باب الاعتراض إنما تعكسها الوقائع التي دفعت أناساً إلى مواجهة الجفاف عبر استصلاح المستنقعات في وادي النيل وتحويلها إلى حقول، وإخضاع الطبيعة لإراتهم.

ويرى المؤرخ المصري (1894 – 1961) الذي تحلّ اليوم ذكرى ميلاده، أن العوامل الطبيعة والبشرية هي التي حدّدت شكل النظام السياسي الذي كان حكماً مركزياً مطلقاً يمكنه توحيد تلك القرى الممتدّة على طول النهر، وأن "الثقافة المصرية الكبرى كانت تستقي مادتها دائماً من ينبوع الطبيعة الريفية، لا من الحياة الحضرية؛ فأصول الثقافة إنما غذاها التأمل في مظاهر الحياة والموت والنشور، وإن وهن المدينة المصرية المادي ليصور لنا وهنها المعنوي أدق تصوير".

رأى أن أصول الثقافة المصرية إنما غذاها التأمل في مظاهر الحياة والموت والنشور

يمتلك غربال رؤية شاملة في فهم ذلك التراكم الحضاري عبر آلاف السنين، يسرد بأسلوب شائق تطوّر الإنسان والمجتمع والدولة خلال العصور الفرعونية واليونانية والرومانية والإسلامية، حيث هيمنت المدينة وسادت خلال الحقبة الأخيرة منذ العهد الأموي وحتى المملوكي، ثم ظهر توجه جديد فى العصر الحديث دمج المدينة والريف في مواطنة مشتركة وتطوّرت فكرة الدولة.

ويعدّ صاحب مدرسة خاصة في دراسة التاريخ المصري، إلى جانب مساهمته في إنشاء عدد من المؤسسات الثقافية في بلاده، ومنها "الجمعية المصرية للدراسات التاريخية" و"المتحف المصري"، كما كان عضوا في "مجمع اللغة العربية" بالقاهرة، و"المجمع العلمي المصري".

وُلد غربال في الإسكندرية، وتلقّى فيها تعليمه الأساسي والثانوي، ثم انتقل إلى القاهرة ليلتحق بـ"مدرسة المعلمين العليا" حيث تخرج منها سنة ١٩١٥، ونال بعثة دراسية إلى بريطانيا حيث حاز درجة البكالوريوس في التاريخ الحديث من "جامعة ليفربول"، ثم درجة الماجستير من "جامعة لندن" عن أطروحته "بداية المسألة المصرية وظهور محمد علي"، والتي أشرف عليها المؤرخ البريطاني أرنولد توينبي.

بعد عودته إلى القاهرة، عيّن مدرساً للتاريخ في مدرسة المعلمين العليا، ثم التحق بجامعة القاهرة مدرّساً في كلية الآداب ودرّس فيها أكثر من ربع قرن، وإلى جانب ذلك اشتغل بتحقيق العديد من الكتب منها "ترتيب الديار المصرية في عهد الدولة العثمانية"، وترجم كتاب "المدينة الفاضلة عند فلاسفة القرن الثامن عشر" لكارل بيكر.

ألّف غربال أيضاً عدداً من الكتب منها "محمد علي الكبير"، و"منهاج مفصل لدراسة العوامل التاريخية في بناء الأمة العربية على ما هي عليه اليوم"، و"الجنرال يعقوب والفارس لاسكاريس ومشروع استقلال مصر في سنة 1801".

المساهمون