ذكرى ميلاد: فاضل الجعايبي.. فن نخبوي للجميع

ذكرى ميلاد: فاضل الجعايبي.. فن نخبوي للجميع

10 ديسمبر 2021
فاضل الجعايبي
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم العاشر من كانون الأول/ ديسمبر ذكرى ميلاد المخرج المسرحي الفاضل الجعايبي (1945).


رغم أنه يأتي من جيل صعد إلى واجهة العمل الثقافي باسم مقولات معارضة للسياسات الرسمية، خصوصاً منها تلك المعتمدة في الثقافة والمسرح، وجد فاضل الجعايبي نفسه منذ 2014 مديراً لمؤسّسة "المسرح الوطني" التي ترعاها وزارة الثقافة وتمثّل مُساهمة الدولة في هذا المجال الإبداعي.

حين أُطلقت المؤسسة في ثمانينيات القرن الماضي كانت ضرورةً اقتضتها صعوباتٌ تعرفها معظم الفرق المسرحية على مستوى تأمين ضروريات الاستمرار المادي، خصوصاً، ولكن أيضاً على مستوى تطوير الخطاب المسرحي بما يحتاجه ذلك من قدرات إنتاجية. ولكن المشهد بعد 2011 بات مختلفاً، حيث توفّرت مصادر تمويل جديدة، كما بات للمسرح التونسي تاريخ وثوابت وبالتالي كان يمكن للدولة أن تراهن على مبادرات إطلاق الفرق والمسارح وشركات الإنتاج بعيداً عن وصايتها، لكن ذلك لم يتحقّق بل إنها جدّدت مؤسستها بمن يُفترض أنهم معارضوها.

في نفس الفترة التي بُعثث فيها مؤسسة "المسرح الوطني" كان الجعايبي، مع رفاق له مثل فاضل الجزيري ومحمد إدريس، وجليلة بكار، يؤثّثون تجربة باسم "المسرح الجديد" انطلقت في 1976، يمكن اعتبارها مقولة مضادة لما يقترحه الخط السائد، وقد نجحت هذه التجربة في خلق زخم إبداعي في ثمانينيات القرن الماضي تجسّد في مجموعة أعمال كان للجعايبي موقع رئيسي فيها، وهي أعمال تعدّ اليوم أيقونات الفن المسرحي في تونس، أبرزها مسرحية "غسالة النوادر".

تفرّق لاحقًا معظم المشاركين في التجربة، فاتجه الجزيري إلى إنجاز العروض الفرجوية، واختار رجاء فرحات الذهاب نحو الوثائقيات ثم خوض تجارب مسرحية منفردة، وذهب محمد إدريس إلى "مسرح الدولة" فأدار لسنوات طويلة مؤسسة "المسرح الوطني"، وبدا أن التجربة تستمر فقط عبر منجز الجعايبي، مُخرجًا، مع زوجته جليلة بكار ممثّلة وكاتبة من خلال شركة إنتاج باسم "فاميليا" (1993).

حقّق الجعايبي نجاحات متتالية في تونس وخارجها بأعمال متقنة وتجديدية مثل: "عشاق المقهى المجهور"، و"جنون"، و"خمسون"، و"يحيى يعيش"، و"تسونامي" التي بدت كنبوءة عما جرى في نهاية 2010 وبداية 2011 من تساقط سريع لنظام زين العابدين بن علي.

بعد الثورة، ومن موقعه كمدير لمؤسسة "المسرح الوطني"، بما توفّره من إمكانات إنتاجية، أنجز مجموعة أعمال تبدو مترابطة: "عنف" (2015)، و"خوف" (2017)، وآخر أعماله بعنوان "مارتير" التي تستمر عروضها إلى اليوم، وكانت قد افتتحت يوم السبت الماضي "أيام قرطاج المسرحية".

تراكمٌ كان يُبرز هوية خاصة للمخرج التونسي أتاحت له مكانة اعتبارية في المشهد الثقافي في تونس، وإن بدا أنه يريد أن يأخذ منه مسافة دائماً، حتى وهو على رأس مؤسسة من مؤسسات وزارة الثقافة. يمكن أن تلخّص عبارة طريفة له مجمل مسيرته: إنها محاولة لتقديم فن نخبوي للجميع.

المساهمون