ذكرى ميلاد: عبد الحميد جودة السحّار.. الناشر وصداقاته

ذكرى ميلاد: عبد الحميد جودة السحّار.. الناشر وصداقاته

25 ابريل 2022
عبد الحميد جودة السحار
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم الخامس والعشرون من نيسان/ إبريل ذكرى ميلاد الكاتب والناشر المصري عبد الحميد جودة السحّار (1913 - 1974).


عُرف الكاتب المصري عبد الحميد جودة السحّار كأحد أبرز القصّاصين العرب، وأيضاً من خلال كتاباته حول شخصيات التاريخ الإسلامي، وبدرجة أقل بمشاركته في كتابة سيناريوهات الأفلام السينمائية. جميع هذه الصفات تأتي قبل الصفة الأكثر خطورة في مشوار السحّار، وهي صفته كناشر.

يمكننا ألّا نشعر بأي نقص في ثقافتنا إذا لم يكتب السحّار عن "بلال: مؤذّن الرسول" أو "سعد بن وقاص"، لكن هل يمكننا أن نتخيّل ثقافتنا من دون ثلاثية نجيب محفوظ، أو مسرحيات توفيق الحكيم الذهنية، أو مسرحيات علي أحمد باكثير التاريخية؟ جميع هذه الأعمال التي تنسب إلى مؤلّفيهم - وهُم مَن هُم من التمكّن والابتكار - تتقاطع في نقطة محدّدة، وهي عبد الحميد جودة السحّار، الذي كان يتابع مع كل كاتب عملَه، مِن تبلوه الفكرة الأولى إلى اللمسات الأخيرة على النصّ قبل الدفع به إلى المطبعة.

لم تكن "مكتبة مصر" التي أسّسها السحّار مع شقيقه سعيد دارَ نشر مثل بقية الدور، وكانت معظمها ملحقة بصُحف أو بمطابع، ما يجعل من الكتاب الأدبي نوعاً من الترف. انطلق مشروع السحّار من محاولة تقديم حماية للكتّاب المنتجين بانتظام من قواعد اللعبة الدارجة في سوق النشر وقتها. 

في هذا السياق، كثيراً ما جرت الإشارة إلى كون شرارة فكرة "مكتبة مصر" كانت جلسة في مقهي بين السحّار ومحفوظ، في بداية ثلاثينيات القرن الماضي، وفيها اشتكى الثاني من صعوبات نشر رواية مدارها التاريخ الفرعوني وعنوانها "رادوبيس". طلب السحّار المخطوط من الروائي الشاب وذهب إلى شقيقه سعيد جودة السحّار يقدّم له مشروع دار نشر.

من الأربعينيات إلى السبعينيات، باتت "مكتبة مصر" واحدة من أبرز دور النشر العربية، وكانت رؤيتها تقوم على توفير نوعية من الكتابة مقروءة لدى كلّ الشرائح العمرية، ومن أجل ذلك أحاطت نفسها - أساساً بفضل صداقات عبد الحميد جودة السحّار - بكتّاب يؤمنون بالجمع بين البساطة والعمق، مثل نجيب محفوظ وتوفيق الحكيم ويوسف السباعي، إضافة إلى السحّار نفسه، ولكنْ مع تتالي رحيل هؤلاء، لم تقدّم الدار الكثير من الأعمال اللافتة للثقافة العربية، وإنْ كان من الوجيه الإشارة إلى أن كتبها ما تزال إلى اليوم تحقّق أرقام مبيعات عالية.

المساهمون