ذكرى ميلاد: أدهم وانلي ومفارقة المشهد التشكيلي المصري

ذكرى ميلاد: أدهم وانلي ومفارقة المشهد التشكيلي المصري

25 فبراير 2021
(أدهم وانلي)
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، الخامس والعشرون من شباط/ فبراير، ذكرى ميلاد الفنان التشكيلي المصري أدهم وانلي (1908 – 1959).


لم تحظ تجربة أدهم وانلي الذي تحل اليوم الخميس ذكرى ميلاده باهتمام كبير لدى نقّاد ومؤرخي الفن في مصر، حيث ظلّت لوحته خارج إطار التحقيب الذي يركّز عادة على الموضوعات التي تناولها الفنانون وصلاتها بواقع المجتمع وتحولاته والهوية الوطنية عموماً.

شكّل الفنان التشكيلي المصري (1908 – 1959) مع شقيقه الأكبر سيف نموذجين مختلفين في هذا السياق، إذ اندفع الأخوان اللذان تمكّنا من أدواتهما ومعرفتهما بتقنيات الفن الغربية نحو رسم مشاهد تبدو غير ذات صلة بمدينتهما الإسكندرية أو غيرها من المدن المصرية، في اقتراب من عوالم خيالية أو أسطورية لم تغادر لوحتهما مطلقاً.

الصورة
(من أعمال أدهم وانلي)
(من أعمال أدهم وانلي)

وُلد إبراهيم أدهم وانلي المعروف بأدهم في حي محرم بك بالإسكندرية لعائلة أرستقراطية من أصول تركية، حيث إنه وأخاه تعلّما اللغة والموسيقى في البيت لأن والدهما أراد إبعادهما عن المدارس المصرية في مرحلة شهدت غلياناً في الشارع ضدّ الاستعمار البريطاني، لكنه في الوقت نفسه رفض أن يتجه ولداه نحو الرسم الذي ظلّ بالنسبة إليهما عالماً سريّاً لفترة ليست بالقصيرة.

عمل أدهم مديراً في مخزن الكتب في مديرية التربية في الإسكندرية، وتلقى أول دروسه في الرسم الزيتي مع أخيه سيف في محترف الرسامين الإيطاليين أرتورو زانييري (1870- 1955) وأوتورينو بيكي (1878- 1949)، وحين أغلق الأخير مرسمه وعاد إلى بلاده عشية الحرب العالمية الثانية، افتتح الأخوان وانلي مع صديقيهما الرسام أحمد فهمي والمخرج محمد بيومي، مرسماً خاصاً بهم في الإسكندرية عام 1935.

الصورة
(من أعمال أدهم وانلي)
(من أعمال أدهم وانلي)

رغم أنهما لم يفترقا في مرسمهما قرابة خمسة عشر عاماً، كما سافرا معاً إلى عدة بلدان أوروبية من ضمنها فرنسا وإيطاليا وإسبانيا حيث أنجزا العديد من اللوحات والتخطيطات للمناظر الطبيعية وكذلك لعروض الباليه والأوبرا والمسرح، وتم تعيينهما معاً سنة 1957 أستاذين في "كلية الفنون الجميلة" في الإسكندرية، وبعدها بعامين عينتهما وزارة الثقافة للمساهمة في توثيق الإرث المعماري النوبي في أسوان قبل أن تُغطي مياه السد العالي هذه المنطقة ورسما العديد من الموضوعات المشتركة، إلا أن كلا الشقيقين امتلك أسلوبه الخاص دون أن يتأثرا ببعضهما.

اهتمّ أدهم بالفنون الأدائية مثل السيرك والباليه والمسرح، مسجلاً تلك المشاهد التي تنبض بالحركة والحيوية من خلال أداء الفنانين أثناء تلك العروض، إلى جانب رسمه المناظر الطبيعية في مدينته وعدد من المدن الأوروبية، وكان أيضاً رسام كاريكاتير في صحف ومجلات مصرية، وقد دخلت خطوط الكاريكاتير والأسلوب الساخر إلى لوحته.

في كتابه "الكشاف العظيم والفيلسوف المرح"، يشير صفوت قاسم إلى أن أدهم وسيف وانلي مهدا لظهور جماعة الفن والحرية، التي كان لها دورها في تجديد الفن التشكيلي المصري، رغم عدم انضمامهما إلى أيّ تيار أو مدرسة فنية طيلة حياتهما، لكن مشاركتهما في الصالونات الفنية وحضورهما الدائم في الفعاليات الفنية تركا أثرهما لدى العديد من الفنانين الذين سعوا إلى التجريب والخروج عن القوالب الجاهزة، ودون الاهتمام بالقيود الأكاديمية.

المساهمون