ذكرى ميلاد: أحمد مختار عمر.. في تجديد الصناعة المعجمية

ذكرى ميلاد: أحمد مختار عمر.. في تجديد الصناعة المعجمية

17 مارس 2021
(أحمد مختار عمر، 1933 - 2003)
+ الخط -

تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، السابع عشر من آذار/ مارس، ذكرى ميلاد اللغوي والمعجمي المصري أحمد مختار عمر (1933 – 2003).


لطالما شغلت أخطاءُ أهل الصحافة اللغويين العرب منذ منتصف القرن التاسع عشر، وظهر العديد من المؤلّفات التي حاول أصحابها تبيان أثر الخطأ في واحد من أكثر المجالات تأثيراً على الناس، ومن هؤلاء أحمد مختار عمر الذي وضع كتاباً بعنوان "أخطاء اللغة العربية المعاصرة عند الكتاب والإذاعيين" عام 1991.

في هذا الكتاب، لا يحصر اللغوي والمعجمي المصري (1933 – 2003) الذي تحلّ اليوم الأربعاء ذكرى ميلاده رصده للعثرات في الكتابات الصحافية والبرامج التلفزيونية والإذاعة، إنما يتوسع بها ليصحّح زلّات السياسيين ورجال الدين الذين يملأون فضاءات الإعلام بأغلاطهم الكثيرة، ويتحدث عنها بشيء من الطرافة حيث يذكر أن الصحف المصرية أثنت آنذاك على رئيس مجلس الشعب أحمد فتحي سرور ووصفته بأنه "متحدث من الطراز الأول، ويجيد فن الحوار"، بينما احتشدت كلمته القصيرة في افتتاح المجلس بأخطاء لغوية منها "عطف منصوب على مرفوع، ونصب الفاعل، وضمّ راء "تجربة"، وقطع همزة وصل...."، بحسب ما أورده عمر.

قدّم مقترحات في تطوير المعجم العربي حتى لا يقع الباحثون في مشكلات لا تزال قائمة

يتوسّع المؤلّف في كتابه الذي أتى نتيجة جهد استمر نحو أربعين عاماً كتب خلالها العديد من المقالات في هذا الخصوص، كما ألّف كتابين في نقد الظاهرة، ودرّسهما لسنوات عديدة في عدد من الجامعات المصرية والعربية، لذلك يجمع جميع الأخطاء سواء المتعلّقة بمخارج الحروف وعدم التدرّب عليها، أو تلك المتصلة بجهل في الثقافة وأسماء الأماكن والشخصيات بالعربية أو بلغات أخرى، أو أيضاً ما تعلّق بالنحو وضبط الإعراب والهمزات، وغيرها.

وُلد الراحل في القاهرة لوالد كان يعمل في سلك التعليم، وقد ورَث عنه كما يقول تعلّقه الكبير باللغة العربية، وقد حاز عمر درجة الدكتوراه في علم اللغة من "جامعة كامبريدج" في بريطانيا عام 1967، وعمل بعدها مدرّساً بكلية دار العلوم في "جامعة القاهرة"، قبل أن ينتقل للتدريس في ليبيا ثم الكويت حتى منتصف الثمانينيات حيث عاد إلى "جامعة القاهرة" للتدريس فيها حتى تقاعده.

يعد صاحب كتاب "علم الدلالة" (1982) أحد روّاد الصناعة المعجمية في العالم العربي، وكانت له رؤية بضرورة الأخذ بالمناهج الغربية الحديثة في تأليف المعجم، كما كان من أشدّ المنتقدين لمجمع اللغة العربية في مصر، وللمؤسسة الثقافية الرسمية التي تهمل شؤون اللغة، وقد ألّف كتاباً بعنوان "أنا واللغة والمعجم"، تحدث فيه بالإسهاب عن أزمة القائمين على العربية.

في ردّه على ذلك، وضع عمر معجمين مهمّين، الأول بعنوان "معجم الصواب اللغوي.. دليل المثقف العربي" و"معجم اللغة العربية المعاصر"، إلى جانب تنظيره المعمّق حول ذلك في كتابه "صناعة المعجم الحديث" الذي تناول فيه الطرق الإجرائية لهذه الصناعة، والذي تطرّق إليه أيضاً في كتاب "البحث اللغوي عند العرب"، وعقد دراسات مقارنة بين المعاجم في التراث العربي ونظيرتها لدى الغرب، وقدّم مقترحات في تطوير المعجم العربي حتى لا يقع الباحثون في مشكلات لا تزال قائمة وتتعلق بالترتيب والتصنيف وعدم التزام مؤلفيها للمنهج الذي وضعوه لأنفسهم، وكذلك وقوعها في بعض الأخطاء عند شرحها المادة اللغوية. 
 

المساهمون