ذكرى ميلاد: أحمد عبد الحليم.. مسرح عنوانه التاريخ والسياسة
تستعيد هذه الزاوية شخصية ثقافية عربية أو عالمية بمناسبة ذكرى ميلادها، في محاولة لإضاءة جوانب أخرى من شخصيتها أو من عوالمها الإبداعية. يصادف اليوم، التاسع عشر من أيلول/سبتمبر، ذكرى ميلاد المخرج المسرحي المصري أحمد عبد الحليم (1934 – 2013).
بعد عودته من الدراسة في "الأكاديمية الملكية لفن الدراما" بلندن عام 1966، تسلّم أحمد عبد الحليم، الذي تحلّ اليوم الأحد ذكرى ميلاده، أول النصوص التي أخرجها للمسرح، وكان مسرحية "ليالي الحصاد" للكاتب محمود دياب، إذ قدّمها ضمن رؤيته للمسرح التجريبي، حيث لم تتضمّن ديكورات واقعية رغم أن العمل تدور أحداثه في الريف المصري.
اهتمّ الفنان والمخرج المسرحي المصري (1934 – 2013) بالبعد الفلسفي الرمزي للنص الذي يتمركز حدثه الرئيسي خلال ليلة سمر في قرية منعزلة أثناء مواسم الحصاد، الذي تتخلّله طقوس وألعاب ومسامرات يوظّفها دياب من أجل أن تعرّف كل شخصية بأحوالها، وكذلك نظرتها إلى محيطها، حيث يعتمد على تقنية المسرح داخل المسرح، فتشارك الشخصيات في اللعبة كمؤدين ومتلقّين في الوقت ذاته.
في أجواء الهزيمة التي أعقبت نكسة حزيران/يونيو 1967، انجذب عبد الحليم إلى خمس قصص كتبها نجيب محفوظ بشكل حواري بعنوان "تحت المظلّة"، فاختار ثلاثا منها وقدّمها على الخشبة، ملتزماً بنصّها، مع ربطه بين النصوص الثلاثة التي كانت تعكس أحوال الهزيمة بصورة أو بأخرى، لذلك لم تُعرض نسخة مسجّلة منها على التلفزيون المصري.
قدّم أكثر من ثمانين عملاً في المسرح والتلفزيون والسينما، ممثلاً ومخرجاً
اختار نصوص "التركة" و"يميت ويحيي" و"النجاة" لمحفوظ، وعرض عبد الحليم شخصياتها في لوحات حملت بعداً تجريدياً في بناء الأحداث والشخصيات ينزع إلى العبث، والتزم في تقديمها برؤية صاحب "الثلاثية" الذي انتقد خلالها الثورة بسعيها نحو إنهاء مظاهر تقليدية في المجتمع، لكنها لم تتمكن من إحداث التغيير الذي كانت تنادي به.
انتقل المخرج المصري في عام 1974 للكويت، حيث درّس في "المعهد العالي للفنون المسرحية"، وواصل هناك تقديم مسرحيات ذات مضامين سياسية واجتماعية، منها "مغامرة رأس المملوك" لسعد الله ونوس، و"المتنبي يجد وظيفة" لعبد السميع عبد الله، و"محاكمة علي بابا" و"عنترة بن شداد" و"الشاطر حسن" للسيد حافظ.
بعد عودته إلى القاهرة نهاية التسعينيات، أخرج عبد الحليم عدداً من المسرحيات، من أشهرها "بلقيس"، من تأليف محفوظ عبد الرحمن عام 2011، وتأخّر عرضها بسبب ثورة يناير/كانون الثاني من العام ذاته، والتي تنبأت بعض أحداثها بانفجار شعبي يستعيد مصر، رغم أنها تدور حول شخصية بلقيس، ملكة سبأ، لكن المسرحية لم يكتب لها النجاح وواجهت العديد من المشاكل الإنتاجية.
وُلد عبد الحليم في القاهرة، وحصل على بكالوريوس التجارة عام 1955، وفي نفس الوقت كان يدرس بالمعهد العالي للفنون المسرحية، حيث نال درجة البكالوريوس في التمثيل والإخراج عام 1956، وأكمل دراساته العليا في لندن، وعاد منها ليقدّم أكثر من ثمانين عملاً في المسرح والتلفزيون والسينما، ممثلاً ومخرجاً.
من أبرز المسلسلات التلفزيونية التي أخرجها: "سيداتي آنساتي"، و"أسطورة الصحراء"، و"الزير سالم"، و"ابن سينا"، و"بعثة الشهداء"، و"الحب قبل السيف"، و"ذو النون"، و"من كل بيت حكاية"، و"ومنين أجيب ناس"، و"أم كلثوم"، و"بوابة الحلواني"، و"رجل في زمن العولمة"، و"أوراق مصرية"، و"يا ورد مين يشتريك"، و"سقوط الخلافة"، و"الإمام الغزالي".
