استمع إلى الملخص
- العالم في نظر الخيّام هو حلم ووهم، حيث البشر دمى تحركها يد خفية، ولا يوجد سر في الوجود سوى العدم، مما يجعل الحياة مجرد لحظة عابرة يجب استغلالها قبل فوات الأوان.
- الخيّام يقلب النظام الأفلاطوني رأسًا على عقب، مؤكدًا أن العودة الأبدية للذات غير موجودة، بل تتكرر الأحداث المشابهة باستمرار.
من الصعب فهم تفكير عمر الخيّام، رغم بساطته الخادعة. إنه يبقى كالرمل الناعم الذي يتساقط من بين الأصابع.
كلما حاولت الاحتفاظ به، كلما انزلق من القراءة السطحية الأولى. رسالته واضحة: هذا العالم ليس له بداية ولا نهاية.
كل شيء عابر. الموت يتربص بنا في كل لحظة، ويقفز من كمينه في أكثر لحظات الحياة وفرة. كل شيء محكوم عليه بالفناء، حتى أروع القصور التي كانت تفوق عنان السماء، لم يبق منها سوى كومة من التراب. النهاية، والآخرة، والجنة، والجحيم، لا وجود لها.
العالم خالٍ من العقل، والذكاء، والفهم، وكل واحد يرى فيه أوهامه. أساس العالم يقوم على عبثية الحق.
حتى أشهر الناس هم في طريقهم إلى العدم، ولا يشقون طريقهم من هذا الليل المظلم إلى النهار. يشاهدون الخرافات، ويعودون إلى النوم مرة أخرى. لا قيامة، ولا عودة إلى الأصل، ولا أمل في العودة كالنبات بعد مئة ألف سنة. ومن الخطأ تحويل الأوقات الجيدة والسيئة إلى الأفلاك. فهي أكثر منا عجزًا ألف مرة في حل لغز الوجود.
ليس العالم أكثر من حلم، ووهم، وضلال. إنه قنديلٌ من الخيال. ندور حوله كالصور الحائرة. نحن نبقى دُمى تحركها يدٌ خفيةٌ على مسرح العالم، ونعود فورًا إلى صندوق العدم.
ليس هناك سر متضمن، وعندما يُزال حجاب الأسرار التي يشكل مصيرنا، لا يبقى سوى العدم. لقد نسجوا خيط العالم من عدم الوعي.
إذا كان النظام الكوني كاملاً، فلماذا نغيره؟ وإذا كان ناقصًا، فمن الخطأ. بين الكفر والدين، وبين الشك واليقين، ليس سوى تنهيدة واحدة تمر بلحظة.
هذه التنهيدة يجب أن نستقبلها قبل أن تمر وتهرب. يجب أن نشرب قبل أن تنكسر الكأس. يجب أن نجرب الحب قبل أن تعصف الريح بثوب الوجود الرقيق.
كان العالم أقدم منا بكثير، وسيبقى كذلك. في مثل هذا العالم المتغير، من المحتم أن كل شيء قبضةُ ريح. لدينا موعد نهائي واحد فقط، وهذا الموعد النهائي ليس سوى "لا شيء".
الخيّام هو الشاعر والمفكر الوحيد الذي يقلب النظام "الأفلاطوني" للعالم رأسًا على عقب، وتشير رؤيته إلى القلب الكامل لنظام العالم.
ما يعود ليس الإنسان. يؤكد الخيّام أننا لن نعود أبداً إلى مسرح العالم؛ و"العودة الأبدية للذات" كما يعتقد نيتشه، لا مكان لها في فكر الخيّام. بل إن الأحداث المشابهة هي التي تتكرر باستمرار وإلى الأبد.
ترجمة عن الفارسية: حمزة كوتي
بطاقة
Daryush Shayegan فيلسوف إيراني وعالم في الهنديات وكاتب وشاعر (2018 - 1934) . معظم كتاباته باللغة الفرنسية. من أعماله: "آسيا مقابل الغرب" و"تحت سماوات العالم".