"حيوية" لـ مروان الجمل: كيف نفهم الطبيعة الأم

"حيوية" لـ مروان الجمل: كيف نفهم الطبيعة الأم

04 ديسمبر 2020
من أعمال المعرض، مروان الجمل/ مصر
+ الخط -

في عالم تدور أحداثه وتحلق شخصياته بين السريالية والواقعية، وبين التقنية والفطرية، تقع لوحة الفنان المصري الشاب مروان الجمل، حيث تظهر الطبيعة بشكلها البدائي أحياناً لتذكرنا بعوالم غوغان وألوانه القوية الوحشية، وفي أحيان أخرى تبدو وكأن اللوحة تقول قصة ما وأن ما نراه من عوالم الغريب والعجيب يخفي خلفه قصة خرافية يريد الفنان أن يرويها بالرسم.

تحت عنوان "حيوية"، ينطلق معرض الجمل في غاليري "المشربية للفن المعاصر"، عند الثانية عشرة من بعد ظهر الغد، ويتواصل حتى 11 كانون الثاني/ يناير المقبل، ويضم 16 لوحة. يصف الفنان المعرض بأنه "سلسلة من اللوحات التي تستكشف جماليات الطبيعة الديناميكية والجامحة، والتي تتألف من طبقات من الصور المكدسة فوق بعضها البعض".

درس الجمل الفنون في الجامعة الأميركية بالقاهرة وتخرج منها عام 2014، ويقول إن عمله "رؤى مشمسة تقع دائمًا على أعتاب الواقع. أحاول سرد قصة يجب أن يكون لها معنى ولكن في الواقع، عندما تنظر عن كثب، فإن هناك نوع من التفكيك. أحاول أيضًا فرض عداء مزيف يكون أحيانًا عكس ما أقصده، بمعنى أنني أقلد الكوميديا. في لوحاتي أحاول أن أكون كوميدياً".

يفكر مروان في الطبيعة، في هذه الفترة التي عاد كثيرون لتأمل علاقتنا بها، فقد فرض انتشار فيروس كوفيد على الجميع، أن يعيدوا ترتيب أوراقهم وأن يفهموا ذلك الارتباط الذي لا فكاك منه بالطبيعة والكائنات التي تشارك الإنسان الأرض، وهو السؤال الذي يطرحه الجمل في "حيوية": "كيف يدرك الإنسان ارتباطه بالطبيعة الأم؟".

يقول الجمل لـ "العربي الجديد" إنه لم يفكر في الوباء وهو يعمل، لكنه كان يرسم في حالة الإغلاق التي مرّت، فلا بد أنه بشكل آو بآخر تأثر بالأجواء بشكل عام، "لا سيما وأن الاضطراب الذي سببه انتشار كورونا أكد أننا نعيش في حالة من انعدام الحرية، والطبيعة بالنسبة للجميع هي شيء مريح ومرحب به، وهذا ما أردت استعادته".

الصورة
من المعرض
عمل من مجموعة سابقة لمروان الجمل

لا بد أن الأمر يتعلق في الغالب بالثقافة الشعبية البصرية، بمعنى القصص التي ظلت في مخيلة الفنان منذ الطفولة، والأشياء التي رآها في الإعلانات وأفلام هوليوود الجميلة، كل هذه يمكن أن تكون مصادر هذا الكوكب الذي يبينه من تفاصيل بعيدة عن المنطق، أو أنه كما يقول: "فترة من تاريخ الأرض لم يستطع فيها العالم استيعاب الحياة".

ثمة شيء من محاولة تعريض المتلقي للغرابة ولأثر الهروب من الحقيقة، فلوحات الجمل مليئة بالشخصيات الرئيسية والحبكات والأشياء والأشرار والأبطال الذين يتم استبدالهم دائمًا وقلبهم رأساً على عقب. لعب في مكان من اللامنطق وسوء الفهم يظهر الفنان من خلاله الفوضى الموجودة خلف معظم الأشياء.

الصورة
عمل من مجموعة سابقة لمروان الجمل
عمل من مجموعة سابقة لمروان الجمل

يوظف الجمل تقنيات فنية مختلفة، لا سيما الغرافيك والوسائط الرقمية، وكثيراً ما يحاول أن يجعل العمل الفني يشبه الملصق تقريبًا، واحياناً مثل الغرافيتي، كما لو كان مراهقاً يلعب أو يعبر عن غضبه بالدهانات، مستلهماً صوره حسب تعبيره من "الثقافة الشعبية والأساطير ومن نفسي ومن بنك اللاوعي غير المستغل الذي أستخدمه، بمفاهيمه غير المحدودة ومن الذاكرة . أستلهم أيضًا من التلفاز والكتب والقصص الإخبارية ومن اللحظات الهادئة واللحظات المحمومة. أستلهم من الموسيقى، بالتأكيد الموسيقى. أعتقد أنني أؤلف. يمكن تقسيم لوحاتي وتحويلها إلى مؤلفات موسيقية". 

الصورة
عمل من مجموعة سابقة لمروان الجمل
عمل من مجموعة سابقة لمروان الجمل

ألوان الجمل تماثل عنوان المعرض تماماً، حيوية وكثيرة وصاخبة وقوية، تقارب الفنون الصينية التقليدية أحياناً بنمورها وغاباتها، عن ذلك يوضح لـ "العربي الجديد" أنه كان يبحث عن "نماذج مختلفة من الطبيعة وكيف يمكن أن تتعايش كأنها من روح واحدة. وحاولت ألا يظهر أي شيء مبني أو مصنوع من الإنسان بل إن كل شيء في اللوحات ينتمي إلى الطبيعة والحياة البرية". 

 في تقديمه لمعرضه يستعير الجمل من نيتشه قوله: "قد يسأل الإنسان حيوانًا"، فيقول: "لماذا لا تتحدث معي عن سعادتك بل تقف وتنظر إليّ فقط؟ يريد الحيوان أن يجيب ويقول: السبب هو أنني دائمًا أنسى ما كنت سأقوله - لكنه بعد ذلك نسي هذه الإجابة أيضًا ، وظل صامتًا: حتى ترك الإنسان يتساءل".

 

المساهمون