جُرجي زيدان والبحث عن قارئ جديد

26 اغسطس 2025   |  آخر تحديث: 05:06 (توقيت القدس)
بورتريه لجرجي زيدان (العربي الجديد)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- تُعيد دار تنمية المصرية طباعة الروايات التاريخية لجُرجي زيدان، مُستحضرةً مشروعه التنويري الذي يربط الأدب بالمعرفة، ويُقدّم التاريخ بأسلوب سردي مشوّق، مما يُعيد تعريف القرّاء بأعماله.

- شهدت السنوات الأخيرة في مصر مشاريع لطباعة الأعمال الكاملة لروّاد الأدب مثل نجيب محفوظ وطه حسين، مما يعكس اهتماماً متزايداً بإحياء التراث الأدبي في سياق ثقافي مفتوح ومتأثر بوسائل التواصل الاجتماعي.

- يُعتبر جُرجي زيدان من روّاد النهضة العربية، حيث أسّس مجلة "الهلال" وكتب الروايات التاريخية لتعليم الأجيال الشابة التاريخ العربي بأسلوب قصصي يجمع بين التشويق والمعرفة.

تُطلق مشاريع إعادة طباعة أعمال الروّاد في الكتابة والفكر، النقاشَ في سِياق يفترض إعادة تعريف القرّاء بهم، أو على الأقل تتيح لهم نوعاً من الإنتاج الأدبي، الذي بني في اشتراطاتٍ زمنية مختلفة. وآخر هذه المشاريع، إعلان دار تنمية المصرية إعادة طباعة الروايات التاريخية للأديب والصحافي والمؤرخ اللبناني جُرجي زيدان، التي تأتي "استعادة لمشروعه التنويري الذي قدّم التاريخ بأسلوب الحكاية، وربط الأدب بالمعرفة".

من بعض مشاريع طباعة الأعمال الكاملة، التي حفل بها المشهد الثقافي المصري خلال السنوات الماضية، طباعة دار ديوان الأعمال الكاملة لنجيب محفوظ، والأعمال الكاملة لكل من طه حسين، ومصطفى محمود، ويوسف السباعي. إلى جانب طباعة دار كتوبيا الأعمال الكاملة لأحمد الشيخ، وطباعة دار الكرمة سبع روايات من أعمال خيري شلبي، ضمن مشروعها لطباعة مختاراتٍ من أعماله في الرواية والقصة، وكذلك مشروع الدار المصرية اللبنانية لإعادة طباعة أعمال إحسان عبد القدوس، إضافة لمشروع دار الشروق في طباعة أعمال توفيق الحكيم.

كلها مشاريع تجيء في سياقاتٍ منفصلة، تشترك بتفاصيل تأتي من خارج الخصوصية التي قد تميّز أحد هؤلاء الكتّاب المؤسِّسين، والمشترك هو شرط القراءة الذي باتَ يُصنَع في فضاءٍ مفتوح وبتأثير وسائل التواصل الاجتماعي. 

أشرك القارئ في المادة الأكاديمية من غير أن يسطِّح الوقائع

بالنسبة إلى جيل الروّاد، كانت الثقافة لصيقة بالموقف، والكتابة أقربَ للرسالة، إلى جانب الالتزام باشتراطات الفنّ أساساً. وفي هذا السياق، يبدو التذكير بتجربة جُرجي زيدان في الكتابة الروائية، على أنها إحياء لمشروع تنويري، تذكيرٌ بمشروع آخر يأتي من صلب تجربته. وزيدان، من روّاد النهضة العربية الحديثة، هاجر من بيروت إلى مصر، حيث أسَّس مجلة "الهلال" عام 1892، وجمع إلى جانب العمل في الصحافة، الكتابة في التاريخ والجغرافيا والأدب واللغة، وهو أيضاً أول من كتَب الرواية التاريخية، بهدف أن يُعلِّم التاريخ العربي للأجيال الشابة، من خلال قالب سردي.

في سلسلة روايات زيدان عن تاريخ الإسلام، التي تزيد عن عشرين عملاً، تناول مراحل التاريخ الإسلامي باستخدام ممكنات فنّ القصّ، مثل عناصر التشويق والحبكة، وسوى ذلك من أساليب أشرك من خلالها القارئ في المادة الأكاديمية من غير أن يسطِّح الوقائع، أو يخلَّ بالفنّ. حتى إن مشروع زيدان في روايات التاريخ الإسلامي، كان تطبيقاً سردياً، لمشروعه في "تاريخ التمدّن في الحضارة الإسلامية"، وعَرض في أجزائه الخمسة، الأحوال العربية والإسلامية، في العلوم والفنون والعادات الاجتماعية، إلى جانب أحوال الخلفاء، والأوضاع الاقتصادية. 

من الكتب التي أعلنت عن طباعتها دار تنمية، "أحمد بن طولون"، و"شجرة الدر"، و"صلاح الدين الأيوبي"، وغيرها. في الأحوال جميعها، تُستحضَر تجربة جرجي زيدان في النهضة العربية، وفي الكتابة، أمام واقع مغلق. 

المساهمون