جيل فيليب.. لماذا يغيّر الكتّاب أسلوبهم؟

جيل فيليب.. لماذا يغيّر الكتّاب أسلوبهم؟

20 نوفمبر 2021
إميل زولا جالساً إلى مكتبه (Getty)
+ الخط -

ليست مسألة الأسلوب بالمسألة الغريبة على الفكر والكتابات الأدبية القديمة، إن كان في نصوص الأدب والنقد العربي الوسيط، الذي اعتنى طويلاً بقضايا البلاغة والكتابة والتعبير عن الذات، أو في الفلسفة اليونانية القديمة، التي شهدت مبكّراً نظريّاتٍ حول اللغة واستخداماتها وأساليب التعبير اللغوي، كما فعل أرسطو، على سبيل المثال، في كتابه "الشعرية".

غير أن الأسلوبية، كحقل دراسيّ، لم تولَد إلّا في بداية القرن العشرين، على يد عددٍ من النقّاد الأدبيين، ومن بينهم الناقد السويسري شارل بالي (1865 ــ 1949) الذي دعا إلى تمييز الأسلوبية كحقل دراسي محدّد وذي مواضيع معروفة، وكذلك جماعة الشكلانيين الروسيين الذين اهتمّوا بالتغيّرات التي تطرأ على النصوص، فردياً وجماعياً، ولعلّ من أبرز هؤلاء الناقد الروسي رومان جاكوبسون (1896 ــ 1982).

في كتابه "لماذا يتغيّر الأسلوب؟"، الصادر حديثاً لدى منشورات "المطبوعات الجديدة" في بروكسل، يستأنف الباحث في الأسلوبية والأدب، جيل فيليب، مساعي زملائه السابقين، لكن مع تحديد إطار بحثه في التغيُّرات الأسلوبية الجماعية، التي تشمل جيلاً أو مرحلةً من مراحل التاريخ الأدبي، وهو فرعٌ من فروع الأسلوبية تأخّر النقّاد في الالتفات إليه، كما يقول، إذ إنهم لطالما سعوا إلى دراسة التحوّلات في الأسلوب لدى كاتبٍ بعينه.

الصورة
غلاف

في مسعى للإجابة عن السؤال المطروح في عنوان كتابه، يشير فيليب، في القسم الأوّل من كتابه، إلى أربعة أسباب تقود إلى تغيير الأسلوب في لحظة ما من تاريخ الكتابة. الحديث أوّلاً عمّا يسمّيه "التغيُّر المؤلّفي"، وهو الحاصل لأن المؤلّف نفسه شخصٌ يتغيّر مع الزمن؛ ثم هنالك التغيُّر الجينيالوجي، الواقع بسبب تأثير كاتبٍ ما على مجموعة أو جيل من المؤلّفين، ومن ثم التغيّر الخارجي، الذي تفرِّضه التغيّرات التاريخية والاجتماعية، وفي الأخير هنالك التغيُّر الداخلي، الذي يعود إلى أنّ من طبيعة الكتابة واللغة أن يتطوّرا.

وفي محاولة لتجاوز الخلاف القائمين بين الأسلوبيين حول السؤال: هل يحدث التغيُّر في الأسلوب بشكل مفاجئ، أم أنه نتيجة لتحوُّل صامت ومستمرّ، يقول جيل فيليب إنّ كلّ أسلوب وكلّ تغيُّرٍ يجمعان بين هاتين الصفتين، بين التطوُّر الذي هو من طبيعة الكتابة واللغة، وبين السيستمية التي تُحافظ على ملامح وهويّة لمختلف الأساليب الكتابية، حتى تلك التي يُعتقَد أنه جرى تجاوزها.

وفي القسم الأخير من كتابه، من أجل التدليل على النظريّات التي يقترحها، يقدّم المؤلّف عدداً من الدراسات تتّخذ إحداها بُعداً مقارناً، حيث تتوقّف عند لحظتين من تاريخ الرواية الفرنسية (1880 و1980)، بهدف التأكيد أن قوانين التغيُّر نفسها تتكرّر في هاتين المرحلتين وفي أيّ مرحلة من تاريخ الكتابة، كما يدرس التغيُّراتٍ على صعيد زمني أقصر (10 سنوات تقريباً)، مستعرضاً حالات كتّابٍ مثل غوستاف فلوبير وموريس بلانشو وإميل زولا.

المساهمون