جميل مفرح وهمدان دماج: حاجة إلى ترسيخ النقد الأدبي في اليمن

02 يونيو 2025
امرأة يمنية تُمسك كتاباً في مكتبة أنشأتها حملة "اليمن يقرأ"، صنعاء، 2020 (Getty)
+ الخط -

استمع إلى الملخص

اظهر الملخص
- يشهد الواقع الثقافي اليمني ازدهاراً في عدد الكتّاب الشباب في مجالات الشعر والقصة والرواية، مما يثري المكتبة اليمنية والعربية. ومع ذلك، يظل النقد الأدبي غائباً أو عاجزاً عن مواكبة هذا الحراك بسبب تراجع الحركة النقدية وضعف المؤسسات الأكاديمية.

- يشير الشاعر جميل مفرح إلى أن غياب النقد الأدبي ليس جديداً، حيث كانت هناك محاولات سابقة لتقليص الفجوة، لكنها لم تستمر. ويؤكد أن النهوض بالنقد يتطلب تفعيل المؤسسات ودراسة الظواهر الأدبية.

- الدكتور همدان دماج يربط تراجع النقد الأدبي بتدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية، مشيراً إلى أن كثرة النشر لا تعني تعافي المشهد الثقافي، بل تهدد بتراكم نصوص دون تقييم.

يشهد الواقع الثقافي اليمني طفرة لافتة في عدد الكتّاب الشباب الذين يبدعون في مجالات الشعر والقصة والرواية والفنون الأدبية الأخرى، ما يعكس تصاعداً ملموساً يثري المكتبة اليمنية والعربية كمّاً ونوعاً. وبرغم هذا، يظل النقد الأدبي غائباً أو عاجزاً عن مواكبة هذا الحراك، في ظل تراجع الحركة النقدية، وتآكل أدواتها المؤسسية والأكاديمية.

ضمن هذا السياق، تبدو الساحة الأدبية المحلية بحاجة ماسة إلى خطاب نقدي جاد يرافق هذا الإنتاج ويقيّمه. غير أن الواقع يشير إلى ضعف لافت في الحضور النقدي، بسبب قلة المتخصصين، وغياب المؤسسات المعنية، وانعدام الدراسات الأكاديمية، فضلاً عن تداعيات الواقع السياسي الذي انعكس سلباً على مجمل المشهد الثقافي. وتكاد مساهمات النقاد تنحصر اليوم في قراءات انطباعية ترافق الإصدارات الأدبية، يغلب عليها الطابع الاحتفائي والمجاملات، مع غياب شبه تام للكتب النقدية الجادة أو الدراسات ذات الطابع الأكاديمي.

يقول الشاعر اليمني جميل مفرح، لـ"العربي الجديد"، إن غياب الحركة النقدية ليس جديداً، بل كان مطروحاً بإلحاح منذ التسعينيات، رغم ما شهدته تلك الفترة من ازدهار أدبي غير مسبوق. ويضيف: "كانت هناك محاولات لتقليص الفجوة، عبر إشراك أساتذة الجامعات في الفعاليات الأدبية، ونجحت بعض التجارب حينها، لكن هذا الزخم لم يستمر طويلاً".

التراجع في النقد الأدبي يعكس تدهوراً أوسع في الثقافة والفنون

ويشير مفرح إلى أن الأزمة النقدية تتجلى اليوم بوضوح، في ظل انحسار المنابر الثقافية وتوقف الفعاليات، وانعدام الصحافة الثقافية المتخصصة، ما أعاد الجامعات إلى دائرة الانكفاء، وأطفأ جذوة التفاعل بينها وبين الوسط الإبداعي.

ويرى مفرح أن النهوض بالنقد الأدبي يتطلب تفعيل المؤسسات، ومواكبة التغيرات في المشهد المحلي، ودراسة الظواهر الأدبية مقارنة بنماذج عربية أخرى. لكنه يؤكد أن تحقيق هذا الطموح شبه مستحيل، في ظل الفوضى الحالية، وغياب البنية التحتية اللازمة للثقافة.

من جهته، يؤكد الأديب والأكاديمي، الدكتور همدان دماج، أن التراجع في النقد الأدبي يعكس تدهوراً أوسع في الثقافة والفنون، ارتبط بتدهور الأوضاع السياسية والاقتصادية والاجتماعية في البلاد. يقول لـ"العربي الجديد": "النقد الأدبي يحتاج إلى بيئة صحية ومتلقٍّ متفاعل، وكلاهما لم يعدا متاحين في اليمن". ويضيف دماج أن النقد الأدبي مهنة دقيقة تتطلب أدوات خاصة، وقلائل هم من يمتلكون هذه الأدوات، ما يفسر الفجوة الكبيرة بين عدد المبدعين والعدد المحدود للنقاد المحترفين.

وفي الوقت الذي يزدهر فيه الإنتاج الأدبي -لا سيما في الرواية والقصة- يشدّد دماج على أن كثرة النشر لا تعني بالضرورة تعافي المشهد الثقافي، خاصة مع سهولة الطباعة والنشر الإلكتروني، ما أتاح الفرصة للجميع لنشر أعمالهم، بغض النظر عن جودتها. ويختم بالقول: "نحن أمام مشهد إبداعي متغير، لكنه يفتقر إلى النقد الموازي، وهو ما يهدد بتراكم نصوص أدبية دون فرز أو تقييم، ما قد يربك الذائقة، ويضعف تطور الحركة الأدبية على المدى البعيد".

المساهمون